__________________
القرآن وعن السؤال عما لم يقع.
وقد وجدنا نماذج فلتت من أقلام أعلامهم وبرزت ، وروايات خفيت عن نقادهم بل كلمات صدرت من الصحابة في غفلة من درة عمر وسيف البغي.
وفي هذا المقام فقد جاء عن عروة أنه قال : إن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك ، فأشاروا عليه أن يكتبها! فطفق عمر يستخير الله فيها شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له ، فقال : إني كنت أريد أن أكتب السنن وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليه وتركوا كتاب الله ..!!. كما أوردها الدارمي في سننه ١ ـ ١٢٥ ، والحاكم في مستدركه ١ ـ ١٠٤ ـ ١٠٦ ، وجاء في مختصر جامع العلم : ٣٦ و ٣٧ وغيرهم.
وها هو الطبري يحكي عن عمر قوله ـ كما في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٣ ـ ١٢٠ ـ أربع مجلدات ـ : جردوا القرآن ولا تفسروه! ، وأقلوا الرواية عن رسول الله وأنا شريككم. وقد قال ابن كثير في تاريخه : ٨ ـ ١٠٧ : هذا معروف عن عمر ، وإن عمر حبس ثلاثة : ابن مسعود وأبا الدرداء وأبا مسعود الأنصاري حتى مات عمر. وقاله غير واحد كما في مجمع الزوائد ١ ـ ١٤٩ ، وتذكرة الحفاظ ١ ـ ٧.
وجاء في مستدرك الحاكم ١ ـ ١١٠ : أن عمر بن الخطاب قال لابن مسعود ولأبي الدرداء ولأبي ذر : ما هذا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأحسبه حبسهم بالمدينة حتى أصيب.
وقد سبقه الأول ـ كما جاء في كنز العمال ٥ ـ ٢٣٧ ، وتذكرة الحفاظ ١ ـ ٥ ، والبداية والنهاية وغيرها عن عائشة ، قالت : جمع أبي الحديث عن رسول الله فكانت خمسمائة حديث! فبات يتقلب ، فقلت : يتقلب لشكوى أو لشيء بلغه؟ ، فلما أصبح قال : أي بنية! هلمي بالأحاديث التي عندك ، فجئته بها فأحرقها.
وسار الثاني على منهاج الأول ، فها هو ابن سعد في الطبقات الكبرى ٥ ـ ١٨٨ ، والخطيب البغدادي في تقيد العلم وغيرهما قالا : إن عمر خطب في خلافته فقال : لا يبقين أحد عنده كتابا إلا أتاني به فأرى فيه رأيي ، فظنوا أنه يريد النظر فيها ليقومها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم فأحرقها بالنار! ، بل هو بعث في الأمصار يأمرهم : من كان عنده شيء فليمحه ، كما جاء في جامع بيان العلم لابن عبد البر.
وعلى كل ، فإن السلطة الحاكمة والسياسة الوقتية السائدة اقتضت مصالحها محو السنة وحرقها ، وعدم التحدث بها ، ومعاقبة من يقول بها وينشرها ، بل وحتى من يعمل بها ، وإحياء البدع ونشرها ، وإعطاءها صبغة شرعية ، ولذا كان الاجتهاد بالرأي والقياس والاستحسان مسألة طبيعية في الأحقاب اللاحقة نتيجة فقد النص ، ولذا تشبثوا بالاقتداء بسنة أبي بكر ومن لحق به وشايعه
.