قوله : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) [ ٨٩ / ٧ ] أي البناء الرفيع ، نقل أنهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخون من أسفله إلى أعلاه ، ثم ينقلون تلك العمد فينصبونها ثم يبنون القصور فوقها ، فسميت ذات العماد. وقيل أهل عَمَدٍ لأنهم كانوا بدويين أهل خيام. قال الشيخ أبو علي : اختلفوا في ( إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ) على أقوال : « أحدها » ـ أنه اسم قبيلة ، قال أبو عبيدة هما عادان فالأولى هي إرم وهي التي قال الله تعالى فيهم ( أَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى ). وقيل هو جد عاد ، وهو عاد ابن عوص ابن إرم بن سام بن نوح [ وقيل هو سام بن نوح ] نسب عاد إليه ، وقيل إرم قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك [ وكانوا بمهرة وكان عاد أباهم ]. و « ثانيها » ـ أن إرم اسم بلد ، ثم قيل هو دمشق ، وقيل هي مدينة الإسكندرية وقِيلَ هِيَ مَدِينَةٌ بَنَاهَا عَادُ بْنُ شَدَّادٍ (١) فَلَمَّا أَتَمَّهَا وَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَهَا أَهْلَكَهُ اللهُ بِصَيْحَةٍ نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ.
و « ثالثها » ـ أنه ليس بقبيلة ولا بلد بل هو لقب لعاد ، وكان عاد يعرف به.
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَرَأَ « بِعَادِ إِرَمٍ » عَلَى الْإِضَافَةِ ، وَقِيلَ وَهُوَ اسْمٌ آخَرُ لِعَادٍ وَكَانَ لَهُ اسْمَانِ (٢).
قوله : ( فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ) [ ١٠٤ / ٩ ] قرئ بضمتين ، وهي قراءة أهل الكوفة غير حفص ، وقرأ الباقون بفتحتين ، وكلاهما جمع عَمُودٍ في الكثرة ، وأما جمعه في القلة فَأَعْمِدَةٌ ، أي تُوصَد عليهم الأبواب ويمدد على الأبواب العَمَد استيثاقا في استيثاق ، وفيه تأكيد لليأس من الخروج وإيذان بحبس الأبد ، نعوذ بالله من غضبه وأليم عقابه.
وَفِي الْحَدِيثِ « الصَّلَاةُ عِمَادُ دِينِكُمْ ».
أي يتقوم بها دينكم. و « عِمَادُ الشَّيْءِ » بالكسر : ما يقوم به الشيء ويثبت ولولاه لسقط وزال.
__________________
(١) شداد بن عاد ـ كذا في المجمع.
(٢) مجمع البيان ج ٥ صلى الله عليه وآله ٤٨٥ ـ ٤٨٦ ، والزيادات منه.