وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ « آجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْراً مِنْهَا ».
هو من قولهم آجَرَهُ يُؤْجِرُهُ : إذا أصابه وأعطاه الأجر والجزاء. وكذلك آجَرَهُ بِأُجْرَةٍ ، والأمر منهما آجِرْنِي. والمَأْجُورُ : المثاب. ومنه « كَانَ مَأْجُوراً كُلَّمَا نَظَرَ إِلَيْهِ ».
أي مثابا. واسْتَأْجَرْتُ العبدَ : إذا اتخذته أجيرا. والأَجِيرُ : المُسْتَأْجَرُ بفتح الجيم. و « الآجُرُّ » بالمد والتشديد أشهر من التخفيف : اللبن إذا طبخ ، والواحدة آجُرَّةٌ ، وهو معرب ـ قاله الجوهري وغيره وآجَرُ بالمد : أُمُّ إسماعيل.
( أخر )
قوله تعالى : ( وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً ) [ ٩ / ١٠٢ ] الآية.
قِيلَ : نَزَلَتْ فِي أَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله لَمَّا حَاصَرَ بَنِي قُرَيْضَةَ قَالُوا لَهُ : ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لُبَابَةَ نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ : يَا أَبَا لُبَابَةَ ائْتِهِمْ ، فَأَتَاهُمْ ، فَقَالُوا لَهُ : يَا أَبَا لُبَابَةَ مَا تَرَى أَنَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ : انْزِلُوا وَاعْلَمُوا أَنَّ حُكْمَهُ هُوَ الذَّبْحُ ـ وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ ـ ثُمَّ نَدِمَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ : خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَنَزَلَ مِنْ حِصْنِهِمْ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللهِ ، وَمَرَّ إِلَى الْمَسْجِدِ وَشَدَّ فِي عُنُقِهِ حَبْلاً وَشَدَّهُ إِلَى الْأُسْطُوَانَةِ الَّتِي تُسَمَّى أُسْطُوَانَةَ التَّوْبَةِ وَقَالَ : لَا أَحُلُّهُ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ ذَلِكَ فَقَالَ : أَمَا لَوْ أَتَانَا لَاسْتَغْفَرْنَا لَهُ اللهَ تَعَالَى فَأَمَّا إِذَا قَصَدَ إِلَى رَبِّهِ فَاللهُ أَوْلَى بِهِ ، وَكَانَ أَبُو لُبَابَةَ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَأْكُلُ بِاللَّيْلِ مِمَّا يُمْسِكُ بِهِ رَمَقَهُ ، وَكَانَتْ تَأْتِيهِ ابْنَتُهُ بِعَشَائِهِ وَتَحُلُّهُ عِنْدَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ نَزَلَتْ تَوْبَتُهُ ، فَقَالَ : يَا أُمَّ سَلَمَةَ قَدْ تَابَ اللهُ عَلَى أَبِي لُبَابَةَ (١).
قوله : ( وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ ) [ ٣ / ١٥٣ ] أي في خلفكم
__________________
(١) تفسير البرهان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٥٥.