فلم يلتفت منكم أحد ، و ( أُخْراكُمْ ) ليس بتأنيث آخِر بكسر الخاء وإنما هو تأنيث آخَر بفتح الخاء كفضلى وأفضل. قوله : ( فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ) [ ٧ / ٣٤ ] هو من التَّأْخِيرِ نقيض التقديم. قوله : ( فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ ) [ ١٧ / ٧ ] أي قيام الساعة ، والآخِرَةُ خلاف الدنيا. قوله : ( ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ ) [ ٣٨ / ٧ ] هي ملة عيسى عليه السلام لأنها آخر الملل. قوله : ( وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ) [ ٦ / ٣٢ ] أي ولدار الساعة الآخرة ، لأن الشيء لا يضاف إلى نفسه. قوله : ( وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ ) [ ٣٨ / ٥٨ ] هو بفتح الخاء غير الأول ، يعني الحميم والغساق. والآخر أزواج. والآخِر بكسر الخاء خلاف الأول ، ومنه قوله تعالى : ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ).
وَسُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللهِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى ( هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ) فَقَالَ : لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا يَبِيدُ وَيَتَغَيَّرُ أَوْ يَدْخُلُهُ التَّغْيِيرُ وَالزَّوَالُ إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ وَلَا يَزَالُ بِحَالَةٍ وَاحِدَةٍ ، هُوَ الْأَوَّلُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْآخِرُ عَلَى مَا لَمْ يَزَلْ ، لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ الصِّفَاتُ وَالْأَسْمَاءُ كَمَا تَخْتَلِفُ عَلَى غَيْرِهِ مِثْلِ الْإِنْسَانِ يَكُونُ تُرَاباً مَرَّةً وَمَرَّةً لَحْماً وَمَرَّةً دَماً وَمَرَّةً رَمِيماً ، وَكَالْبُسْرِ الَّذِي يَكُونُ مَرَّةً بَلَحاً وَمَرَّةً بُسْراً وَمَرَّةً رُطَباً وَمَرَّةً تَمْراً ، فَتَتَبَدَّلُ عَلَيْهِ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ وَاللهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ (١).
وفِي حَدِيثٍ آخَرَ « الْأَوَّلُ لَا عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ وَلَا عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ وَالْآخِرُ لَا عَنْ نِهَايَةٍ كَمَا يُعْقَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ وَلَكِنْ قَدِيمٌ أَوَّلٌ آخِرٌ لَمْ يَزَلْ » (٢).
والْآخِرُ في أسمائه تعالى وهو الباقي بعد فناء خلقه ، والمُؤَخِّرُ أيضا وهو الذي يؤخر الأشياء فيضعها مواضعها.
__________________
(١) تفسير البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٨٦.
(٢) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٢٧٦.