عِنْدَ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ سُمُّوا الْحَوَارِيِّينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُقَصِّرُونَ الثِّيَابَ مِنَ الْوَسَخِ بِالْغَسْلِ ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَإِنَّهُمْ كَانُوا مُخْلِصِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ وَمُخَلِّصِينَ لِغَيْرِهِمْ مِنْ أَوْسَاخِ الذُّنُوبِ » (١).
قال بعض الأفاضل : أصل هذا الاسم لأصحاب عيسى عليه السلام المختصين به ، وكانوا اثني عشر منهم ألوقا ومرقالونين ويوحنا ومنا ومنهم رسل عيسى عليه السلام إلى أهل الطائف ، وقوله : ( إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) قيل هما شمعون ويحيى ، وشمعون هو رأس الحَوَارِيِّينَ ، والثالث قيل قولس وقيل ويونس وقيل الرسولان صادق وصدوق ثم صار هذا الاسم مستعملا فيما أشبههم من المصدقين. قوله : ( إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ) [ ٨٤ / ١٤ ] أي ظن لن يرجع ولن يبعث. ويَحُورُ : يرجع ، من حَارَ يَحُورُ : إذا رجع. قال الشيخ أبو علي : إن من عصى وسر بمعصيته فقد ظن أنه لا يرجع إلى البعث فارتكب المآثم وانتهك المحارم ، بل ليحورن وليبعثن وليس الأمر على ما ظنه ( إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً ). قوله : ( وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما ) [ ٥٨ / ١ ] أي مراجعتكما القول. قوله : ( وَهُوَ يُحاوِرُهُ ) [ ١٨ / ٣٤ ] أي يخاطبه. والتَّحَاوُرُ : التجاوب. والمُحَاوَرَةُ : المجاوبة ، يقال تَحَاوَرَ الرجلان إذا رد كل منهما على صاحبه. ومنه ناظرته وحاورته.
وَفِي الْحَدِيثِ « دَعْ مُحَاوَرَاتِ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ ».
أي دع الخوض معه في الكلام.
وَفِي حَدِيثِ تَكْبِيرَاتِ الِافْتِتَاحِ « فَلَمْ يُحِرِ الْحُسَيْنُ عليه السلام ».
بالحاء والراء المهملتين أي لم يرد جوابا ، يقال كلمته فما أَحَارَ جوابا.
وَفِي الدُّعَاءِ « نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْرِ ».
أي من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة والتمام ، وقيل من فساد أمورنا بعد صلاحها كانتقاض العمامة بعد
__________________
(١) علل الشرائع ج ١ صلى الله عليه وآله ٧٦.