إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُونَ؟ قَالَ جَبْرَئِيلُ : لَا أَدْرِي إِلَّا أَنِّي أَرَاهُمْ مُنْذُ خُلِقْتُ وَلَا أَرَى وَاحِداً مِنْهُمْ قَدْ رَأَيْتُهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ جَبْرَئِيلُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ : مُنْذُ كَمْ خُلِقْتَ؟ قَالَ : لَا أَدْرِي غَيْرَ أَنَّ اللهَ يَخْلُقُ كَوْكَباً فِي كُلِّ أَرْبَعِمِائَةِ أَلْفِ سَنَةٍ. فَخَلَقَ مِثْلَ ذَلِكَ الْكَوْكَبِ مُنْذُ خُلِقْتُ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ كَوْكَبٍ ، فَسُبْحَانَهُ مِنْ إِلَهٍ مَا أَعْظَمَ قُدْرَتَهُ وَأَجَلَّ سُلْطَانَهُ.
قوله : ( وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها ) [ ٩ / ٢٦ ] الجُنْدُ الأنصار والأعوان ، والجمع الجُنُودُ. قوله : ( وَجُنُودُ إِبْلِيسَ ) [ ٢٦ / ٩٥ ] أي ذريته من الشياطين.
وَفِي الْحَدِيثِ « الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ » (١).
قوله « مُجَنَّدَةٌ » أي مجموعة كما يقال ألوف مؤلفة وقناطر مقنطرة ، ومعناه الإخبار عن مبدإ كون الأرواح وتقدمها الأجساد ، أي أنها خلقت أول خلقها من ائتلاف واختلاف كالجنود ، والمجموعة إذا تقابلت وتواجهت ، ومعنى تقابل الأرواح ما جعلها الله عليه من السعادة والشقاوة والاختلاف في مبدإ الخلق ، يقال إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه ، ولهذا ترى الخير يحب الأخيار ويميل إليهم والشرير يحب الأشرار ويميل إليهم. وعن الشيخ المفيد المعنى فيه أن الأرواح التي هي البسائط تتناظر بالجنس وتتجادل بالعوارض ، فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى ائتلف ، وما تناكر منها بمباينة في الرأي والهوى اختلف ، وهذا موجود حسا ومشاهدة ، وليس يعني بذلك ما تعارف منها في الذر ائتلف كما يذهب إليه الحشوية ، لما بيناه من أنه لا علم للإنسان بحال كان يعلمها قبل ظهوره في هذا العالم ـ انتهى كلامه ، وفيه نظر.
( جود )
قوله تعالى ( وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ ) [ ١١ / ٤٤ ] بتشديد الياء ، وقرئ بإرسالها
__________________
(١) سفينة البحار ج ١ صلى الله عليه وآله ٥٣٦.