قوله : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي ) [ ٢٠ / ١٤ ] يحتمل وجوها والأحسن منها ما وافق الحديث ، والمعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه إذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى. وسيأتي في فكر كلام لطيف يناسب المقام ، ويمكن أن يقدر مضاف هنا أي لذكر صلاتي ، أو يكون قد وقع ضمير الله موقع ضمير الصلاة لشرفها ، وقرئ أَقِمِ الصَّلَاةَ لِلذِّكْرَى فتكون اللام الأولى بدل الإضافة ، أي أقم الصلاة وقت ذكرها.
قوله : ( أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرى ) [ ٨٠ / ٤ ] قال الشيخ أبو علي قرأ عاصم ( فَتَنْفَعَهُ ) بالنصب والباقون بالرفع ، فمن قرأ بالرفع عطفه على ما تقدم من الرفع ومن قرأ بالنصب فعلى أنه جواب بالفاء.
قوله : ( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً ) [ ٧٦ / ١ ] قَالَ الصَّادِقُ عليه السلام : كَانَ مُقَدَّراً غَيْرَ مَذْكُورٍ (١) ، والمعنى قد مضى على الإنسان وقت لم يكن موجودا في الأرض مَذْكُوراً بين أهل الأرض ، ولم يكن تقديره أيضا ـ أي نقشه ـ موجودا في اللوح المحفوظ ، فعلم تجدد إرادته تعالى وتجدد تقديره ، وهذا هو معنى البَدَاءِ في حقه تعالى. ومثله قوله : ( أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً ) فقال : لا مقدرا ولا مكونا ، أي مقدرا في اللوح المحفوظ ولا موجودا في الأرض.
قوله : ( فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها ) [ ٧٩ / ٤٣ ] قال الشيخ أبو علي : أي في أي شيء أنت من أن تذكر وقتها لهم ، والمراد ما أنت من ذكراها لهم وتبين وقتها في شيء ( إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها ) أي منتهى علمها لم يأت علمها أحدا من خلقه فيم إنكار لسؤالهم أي فيم هذا السؤال ، وقيل أنت من ذِكْرَاهَا أي إرسالك وأنت خاتم الأنبياء المبعوث إلى قيام الساعة ذكر من ذكراها وعلامة من علاماتها ، وكفاهم بذلك دليلا على إقرابها ووجوب الاستعداد لها.
__________________
(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٤١٠.