حاجتهم ودعائه لهم واستنقاذه إياهم من العقاب والهلكة ، ومن هنا قال ابن الأنباري السَّاحِرُ يقال للمذموم والممدوح ، فهو من الأضداد. والسَّحَرَةُ في قوله تعالى : ( لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ ) [ ٢٦ / ٤٠ ] جمع سَاحِر ، قيل كان عددهم اثني عشر ألفا كلهم أقربهم بالحق عند آية موسى عليه السلام. قوله : ( إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ ) [ ٥٤ / ٣٤ ] السَّحَرُ بالتحريك قبيل الصبح وبضمتين لغة ، وإذا أردت به سَحَرَ ليلتك لم تصرفه لأنه معدول عن الألف واللام وهو معرفة ، وإن أردت به سَحَرَ بكرة صرفت كما في الآية الشريفة ـ كذا نقلا عن الجوهري (١)والجمع أَسْحَار ، ومنه قوله تعالى : ( وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ ) [ ٣ / ١٧ ] وقد تكرر في الحديث ذكر السَّحُور هو كرسول ما يتسحر به من الطعام والشراب في ذلك الوقت ، وبالضم المصدر والفعل نفسه. و « السِّحْرُ » بالكسر فالسكون كلام أو رقية أو عمل يؤثر في بدن الإنسان أو قلبه أو عقله ، وقيل لا حقيقة له ولكنه تخيل. وقد اختلف العلماء في القدر الذي يقع به السحر ، فقال بعضهم لا يزيد تأثيره على قدر التفرق بين المرء وزوجه لأن الله تعالى ذكر ذلك تعظيما لما يكون عنده وتهويلا له في حقنا ، فلو وقع به منه أعظم لذكره لأن المثل لا يضرب عند المبالغة إلا بأعلى الأحوال ، والأشعرية ـ على ما نقل عنهم ـ أجازوا ذلك.
وَفِي الْحَدِيثِ « حُلَّ وَلَا تَعْقِدْ ».
وفيه دلالة على أن له حقيقة ، ولعله أصح.
وَفِي الْخَبَرِ « إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ لَسِحْراً ».
قيل معناه لما كان في البيان من إبداع التركيب وغرابة التأليف ما يجذب السامع ويخرجه إلى حد يكاد يشغله عن غيره شبه بالسحر الحقيقي ، وقيل هو السِّحْرُ الحلال. وعن الإمام فخر الدين في تفسيره ما هذا لفظه : ولفظ السِّحْر في عرف
__________________
(١) هذا تلخيص عما في صحاح الجوهري ( سحر ) لا نصه.