لَا تَرَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنَ الشَّعَائِرِ وَلَا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فَنَهَاهُمُ اللهُ عَنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام
ومنها لا تحلوا ما حرم الله عليكم في إحرامكم ومنها أن الشَّعَائِرَ هي العلامات المنصوبة للفرق بين الحل والحرام نهاهم الله تعالى أن يتجاوزوها إلى مكة بغير إحرام إلى غير ذلك. ثم قال بعد استيفاء الأقوال وأقواها الأول (١) قوله : يُشْعِرُكُمْ [ ٦ / ١٠٩] أي يدريكم. قوله : ( لا يَشْعُرُونَ ) [ ٢ / ١٢ ] أي لا يفطنون ويعلمون. قوله : ( أَنَّهُ هُوَ رَبُ الشِّعْرى ) [ ٥٣ / ٤٩ ] الشِّعْرَى كوكب معروف يطلع في آخر الليل بعد الجوزاء ، أي هو رب ما تعبدونه فكيف تعبدونه ، وأول من عبد الشِّعْرَى أبو كبشة أحد أجداد النبي صلى الله عليه وآله من قبل أمهاته وكان المشركون يسمونه صلى الله عليه وآله ابن أبي كبشة لمخالفته إياهم في الدين كما خالف أبو كبشة وغيره في عبادة الشعرى. قوله : ( وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ ) [ ٢٦ / ٢٢٤ ] أي لا يتبعهم على كذبهم وباطلهم وفضول قولهم وما هم عليه من الهجاء وتمزيق الأعراض ومدح من لا يستحق المدح إلا الغاوون من السفهاء ، وقيل شُعَرَاءُ المشركين عبد الله بن الزبعري وأبو سفيان وأبو غرة ونحوهم حيث قالوا نقول مثل ما قال محمد صلى الله عليه وآله ، وكانوا يهجونه ويجتمع عليهم الأعراب من قومهم يسمعون أشعارهم وأهاجيهم.
وَفِي تَفْسِيرِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي الَّذِينَ غَيَّرُوا دِينَ اللهِ وَخَالَفُوا أَمْرَ اللهِ ، هَلْ رَأَيْتُمْ شَاعِراً قَطُّ تَبِعَهُ أَحَدٌ ، إِنَّمَا عَنَى بِذَلِكَ الَّذِينَ وَصَفُوا دِيناً بِآرَائِهِمْ فَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ النَّاسُ ، وَيُؤَكِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ : ( أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ ) يَعْنِي يُنَاظِرُونَ بِالْأَبَاطِيلِ وَيُجَادِلُونَ بِالْحُجَجِ وَفِي كُلِ
__________________
(١) مجمع البيان ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٥٤.