حتى إذا كاد أن يحل أجلها راجعها ثم يفعل ذلك ثلاث مرات. قوله : ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً ) [ ٩ / ١٠٧ ] أي مضارة للمؤمنين من أصحاب مسجد قبا ( وَتَفْرِيقاً ) لأنهم كانوا يصلون مجتمعين في مسجد قبا ، وسبب نزول الآية ـ على ما
رُوِيَ ـ أَنَّ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ لَمَّا بَنَوْا مَسْجِدَ قُبَا بَعَثُوا إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله أَنْ يَأْتِيَهُمْ فَأَتَاهُمْ وَصَلَّى فِيهِمْ ، فَحَسَدَهُمْ إِخْوَتُهُمْ بَنُو غَنْمِ بْنِ عَوْفٍ وَقَالُوا نَبْنِي مَسْجِداً وَنُرْسِلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله يُصَلِّي فِيهِ وَيُصَلِّي فِيهِ أَبُو عَامِرٍ الرَّاهِبُ أَيْضاً ، فَبَنَوْا مَسْجِداً بِجَنْبِ مَسْجِدِ قُبَا وَقَالُوا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وَهُوَ يَتَجَهَّزُ إِلَى تَبُوكَ إِنَّا قَدْ بَنَيْنَا مَسْجِداً لِذِي الْعِلَّةِ وَالْحَاجَةِ وَاللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ وَاللَّيْلَةِ الشَّاتِيَةِ وَإِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَأْتِيَنَا فَتُصَلِّيَ لَنَا فِيهِ وَتَدْعُوَ لَنَا بِالْبَرَكَةِ فَقَالَ صلى الله عليه وآله : إِنِّي عَلَى جَنَاحِ السَّفَرِ وَلَوْ قَدِمْنَا إِنْ شَاءَ اللهُ أَتَيْنَاكُمْ وَصَلَّيْنَا لَكُمْ فِيهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ مِنْ تَبُوكَ أَنْفَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله إِلَى هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَهْدَمَهُ وَحَرَّقَهُ. وَرُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَوَحْشِيّاً فَحَرَّقَاهُ ، وَأَمَرَ صلى الله عليه وآله أَنْ يُتَّخَذَ مَكَانَهُ كُنَاسَةٌ تُلْقَى فِيهَا الْجِيَفُ ، قِيلَ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَقِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ (١).
قوله : ( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) [ ٤ / ٩٥ ] أي من به علة تمنعه من الجهاد كالرماثة والمرض ، فإنهم يساوون المجاهدين. قوله : ( لا ضَيْرَ ) [ ٢٦ / ٥٠ ] أي لا ضَرَرَ. قوله : ( وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) [ ٢١ / ٨٣ ] قال الشيخ أبو علي : الضُرُّ بالضم الضرر في النفس من مرض وهزال وبالفتح الضرر من كل شيء ألطف في السؤال حيث ذكر عن نفسه ما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ، وكنى عن المطلوب ( فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ ) أي من الأمراض والأوجاع ، وَكَانَ أَيُّوبُ كَثِيرَ الْأَوْلَادِ وَالْأَمْوَالِ ، فَابْتَلَاهُ
__________________
(١) انظر التّفاصيل في تفسير عليّ بن إبراهيم صلى الله عليه وآله ٢٨٠ ـ ٢٨١.