وَمِدَادِي؟ فَيَقُولُ : رِيقُكَ مِدَادُكَ وَقَلَمُكَ إِصْبَعُكَ. فَيَقُولُ : عَلَى أَيِّ شَيْءٍ أَكْتُبُ وَلَيْسَ مَعِي صَحِيفَةٌ؟ قَالَ : صَحِيفَتُكَ كَفَنُكَ ، فَيَكْتُبُ مَا عَمِلَهُ مِنَ الدُّنْيَا خَيْراً ، فَإِذَا بَلَغَ سَيِّئَاتِهِ يَسْتَحْيِي مِنْهُ فَيَقُولُ لَهُ الْمَلَكُ : يَا خَاطِئُ أَمَا تَسْتَحْيِي مِنْ خَالِقِكَ حِينَ عَمِلْتَهُ فِي الدُّنْيَا وَتَسْتَحْيِي الْآنَ ، فَيَرْفَعُ الْمَلَكُ الْعَمُودَ لِيَضْرِبَهُ ، فَيَقُولُ الْعَبْدُ : ارْفَعْ عَنِّي حَتَّى أَكْتُبَهَا ، فَيَكْتُبُ فِيهَا جَمِيعَ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ ثُمَّ يَأْمُرُهُ أَنْ تُطْوَى وَتُخْتَمَ فَيَقُولُ : بِأَيِّ شَيْءٍ أَخْتِمُهُ وَلَيْسَ مَعِي خَاتَمٌ؟ فَيَقُولُ : اخْتِمْهُ بِظُفْرِكَ وَعَلِّقْهُ فِي عُنُقِكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى : ( وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً ).
قوله : ( اطَّيَّرْنا بِكَ ) [ ٢٧ / ٤٧ ] أي تَطَيَّرْنَا ، أي تشاءمنا. ومثله قوله : ( يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ ) [ ٧ / ١٣١ ] أي تشاءموا بهم ويقولون لو لا مكانهم لما أصابتنا سيئة ( أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ ) أي ألا إنما الشؤم الذي يلحقهم هو الذي وعدوا به من العقاب عند الله بفعله بهم في الآخرة لا ما ينالهم في الدنيا. قوله : ( كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً ) [ ٧٦ / ٧ ] أي منتشرا فاشيا ، من قولهم اسْتَطَارَ الفجرُ وغيره أي انتشر. قوله : ( وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ) [ ٦ / ٣٨ ] قال الشيخ أبو علي : جمع بين هذين اللفظين جميع الحيوانات ، ثم قال : ومما يسأل عنه لم قال ( يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ ) وقد علم أن الطائر لا يطير إلا بجناحيه؟ فالجواب إنما جاء للتوكيد ورفع اللبس ، لأن القائل قد يقول طِرْ في حاجتي أي أسرع بها ، وقيل إنما قال ( بِجَناحَيْهِ ) لأن السمك يطير في الماء ولا أجنحة لها ، وإنما خرج السمك عن الطائر لأنه من دواب البحر ، وقوله ( إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ) يريد أشباهكم في إبداع الله إياها وخلقه لها ودلالتها على أن لها صانعا ، وقيل إنما مثلت الأمر من غير الناس بالناس في الحاجة إلى مدبر يدبرهم في أغذيتهم