وأكلهم ولباسهم ونومهم ويقظتهم وهدايتهم إلى مراشدهم إلى ما لا يحصى.
وَفِي الْحَدِيثِ « ثَلَاثٌ لَا يَسْلَمُ مِنْهَا أَحَدٌ الطِّيَرَةُ وَالْحَسَدُ وَالظَّنُّ. قِيلَ : فَمَا نَصْنَعُ؟ قَالَ : إِذَا تَطَيَّرْتَ فَامْضِ ، وَإِذَا حَسَدْتَ فَلَا تَبْغِ ، وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلَا تُحَقِّقْ ».
وفِيهِ « لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ » (١).
هي بكسر الطاء وفتح الياء وقد تسكن ، مصدر تطير ، يقال تَطَيَّرَ طِيَرَةً وتحير حيرة ، ولم يجىء من المصادر كذا غيرهما ، وأصله فيما يقال التَّطَيُّرُ بالسوانح والبوارح من الطير والظباء وغير ذلك ، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع. وقد مر في عدا تمام البحث في الحديث. وفِيهِ « رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي تِسْعَةُ أَشْيَاءَ » (٢)وَعَدَّ مِنْهَا الطِّيَرَةَ.
ولعل المراد رفع المؤاخذة فيها. وفِيهِ « ثَلَاثَةٌ لَمْ يَنْجُ مِنْهَا نَبِيٌّ فَمَا دُونَهُ : التَّفَكُّرُ فِي الْوَسْوَسَةِ فِي الْخَلْقِ وَالطِّيَرَةُ وَالْحَسَدُ ، إِلَّا أَنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَسْتَعْمِلُ حَسَدَهُ » (٣).
قال الصدوق رحمهالله في الخصال معنى الطِّيَرَة في هذا الموضع أن يتطير منهم ولا يتطيرون ، وذلك كما حكى الله تعالى عن قوم صالح ( قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ ) وكما قال آخرون لأنبيائهم ( إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ ) وأما الحَسَدُ فإنه في هذا الموضع أن يُحْسَدُوا لا أنهم يَحْسُدُون عليه السلام ، وذلك كما حكى الله تعالى ( أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) وأما التَّفَكُّرُ في الوسوسة في الخلق فهو بلواهم بأهل الوسوسة لا غير ذلك ، كما حكى الله تعالى عن الوليد بن المغيرة ( إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ) يعني أنه قال للقرآن ( إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ) ـ انتهى.
وَفِي الْخَبَرِ « الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَلَكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ ».
قيل إنما جعلت الطِّيَرَةُ من الشرك لأنهم كانوا يعتقدون أن التَّطَيُّرَ
__________________
(١) سفينة البحار ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٠٣.
(٢) تحف العقول صلى الله عليه وآله ٥٠.
(٣) سفينة البحار ج ٢ صلى الله عليه وآله ١٠٣.