الْخَامِسُ كُفْرُ الْبَرَاءَةِ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ لِقَوْمِهِ ( كَفَرْنا بِكُمْ ).
قوله : ( كانَ مِزاجُها كافُوراً ) [ ٧٦ / ٥ ] أي ماؤها كافور ، وهو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده. قوله : ( قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ ) [ ٨٠ / ١٧ ] أي عذب ولعن الإنسان ما أَكْفَرَهُ ما أشد كفره وأبين ضلاله ، وهذا تعجب منه ، كأنه قال تعجبوا منه ومن كفره مع كثرة الشواهد على التوحيد والإيمان. وقيل إن ( ما ) للاستفهام ، أي أي شيء أكفره وأوجب كفره ، فكأنه قال ليس هاهنا شيء يوجب الكفر ويدعو إليه ، فما الذي دعاه إليه مع كثرة النعم عليه. والْمُكَفَّرُ : مجحود النعمة مع إحسانه. ومنه الْحَدِيثُ « الْمُؤْمِنُ مُكَفَّرٌ ».
والتَّكْفِيرُ : أن يخضع الإنسان لغيره ، ومنه حَدِيثُ النَّصْرَانِيِّ لِأَبِي الْحَسَنِ عليه السلام حَيْثُ قَالَ : إِنْ أَذِنْتَ لِي كَفَّرْتُ لَكَ.
وكَفَّرَ الله عنه الذنوب : محاه ، ومنه « الْكَفَّارَةُ » وهي فعالة من الكفر ، وهي التغطية لأنها تُكَفِّرُ الذنب عن الإنسان ، أي تمحوه وتستره وتغطيه. وفِيهِ « الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا ».
قيل إن المكفر هي الثانية لا الأولى ، لأن التَّكْفِيرَ قبل وقوع الذنب لا معنى له ، ويشكل كونها كفارة مع أن اجتناب الكبائر كاف ، ويمكن الجواب بأن تَكْفِيرَ العمرة خاص وتَكْفِيرَ الاجتناب عام. وفِيهِ « كَفَّارَةُ الْغِيبَةِ أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ ».
وقيل إن بلغته فالطريق أن تستحل منه ، فإن تعذر لموته أو لبعده فالاستغفار ، وهل يشترط بيان ما اغتابه به؟ وجهان. وفِيهِ « تَارِكُ الصَّلَاةِ كَافِرٌ ».
وذلك لأنه مستخف بالشرع ومكذب له ومن كان كذلك فهو كافر. وقد بين الصادق عليه السلام الفرق بين تارك الصلاة وفاعل الزنا بعد تسميته كافرا بحصول الاستخفاف عند ترك الصلاة دون الزنى.