هو صريح في أن إِرَادَتَهُ نفس إيجاده للشيء ، ويشهد من الأحاديث عنهم عليه السلام ما صَحَّ عَنْ صَفْوَانَ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ : أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِرَادَةِ مِنَ اللهِ أَوْ مِنَ الْخَلْقِ؟ فَقَالَ : الْإِرَادَةُ مِنَ الْخَلْقِ الضَّمِيرُ وَمَا يَبْدُو لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْفِعْلِ ، وَأَمَّا مِنَ اللهِ فَإِرَادَتُهُ إِحْدَاثُهُ لَا غَيْر ، لِأَنَّهُ لَا يُرَوِّي وَلَا يَهُمُّ وَلَا يَتَفَكَّرُ ، وَهَذِهِ الصِّفَاتُ مَنْفِيَّةٌ عَنْهُ وَهِيَ صِفَاتُ الْخَلْقِ ، فَإِرَادَةُ اللهِ الْفِعْلُ لَا غَيْرُ ذَلِكَ ، يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ بِلَا لَفْظٍ وَلَا نُطْقٍ بِلِسَانٍ وَلَا هِمَّةٍ وَلَا تَفَكُّرٍ وَلَا كَيْفَ لِذَلِكَ ، كَمَا أَنَّهُ لَا كَيْفَ لَهُ (١).
قوله : ( يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ ) [ ١٨ / ٧٧ ] أي هو مُتَهَيِءٌ للسقوط. والإِرَادَةُ : المشيئة. قال الجوهري وأصلها الواو [ لقولك راوده ] إلا أن الواو سكنت فنقلت حركتها إلى ما قبلها فانقلبت في الماضي ألفا وفي المستقبل ياء وسقطت في المصدر لمجاورتها الألف الساكنة وعوض منها الهاء في آخره ـ انتهى (٢)و « المُرِيدُ » من صفاته تعالى صفات الفعل لا الذات ، لما رُوِيَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللهِ عليه السلام لَمْ يَزَلِ اللهُ مُرِيداً؟ قَالَ : إِنَ الْمُرِيدَ لَا يَكُونُ إِلَّا لِمُرَادٍ مَعَهُ لَمْ يَزَلِ اللهُ عَالِماً قَادِراً ثُمَ أَرَادَ ».
وَفِي الْحَدِيثِ « مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ أَنْ يَرْتَادَ مَوْضِعاً لِبَوْلِهِ » (٣).
أي يطلب الموضع السهل اللين ، وذلك لئلا يرجع عليه رشاش البول.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام فِي الصَّحَابَةِ « أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ رُوَّاداً وَيَخْرُجُونَ أَدِلَّةَ ».
أي يدخلون عليه طالبين للعلم ويخرجون أدلة هداة للناس. و « الرُّوَّادُ » جمع رَائِدٍ ، مثل زائر وزوار ، وأصل الرَّائِدِ الذي يتقدم القوم يبصر لهم الكلأ ومساقط الغيث ، يقال رَادَ يَرُودُ رَوْداً ورِيَاداً. ومِنْهُ « الْحُمَّى رَائِدُ الْمَوْتِ » (٤).
__________________
(١) البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ١٤.
(٢) الصحاح ( ردد ) والزيادة منه.
(٣) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٥.
(٤) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١١١.