بابن أبيه عائشة حين سئلت لمن يدعى.
رُوِيَ أَنَّهُ تَكَلَّمَ يَوْماً بِحَضْرَةِ عُمَرَ فَأَعْجَبَ الْحَاضِرِينَ كَلَامَهُ ، فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لِلَّهِ أَبُوهُ لَوْ كَانَ قُرَشِيّاً لَسَاقَ الْعَرَبُ بِعَصَاهُ. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ : وَاللهِ إِنَّهُ لَقُرَشِيٌّ ، وَلَوْ عَرَفْتَهُ لَعَرَفْتَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِكَ. فَقَالَ : وَمَنْ أَبُوهُ؟ فَقَالَ : أَنَا وَاللهِ وَضَعْتُهُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ. فَقَالَ : هَلَّا تَسْتَلْحِقُهُ؟ فَقَالَ : أَخَافُ هَذَا الْجَالِسَ أَنْ يَخْرِقَ عَلَيَّ إِهَابِي ـ يَعْنِي عُمَرَ ـ.
ورُوِيَ أَنَّهُ دَعَاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَجَعَلَهُ أَخَاهُ وَأَلْحَقَهُ بِأَبِيهِ وَصَارَ مِنْ أَصْحَابِهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ عليه السلام.
ومِنْ قِصَّتِهِ أَنَّ عَلِيّاً عليه السلام كَانَ وَلَّى زِيَاداً فَارِسَ ، فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ عليه السلام وَبُويِعَ الْحَسَنُ عليه السلام بَعَثَ مُعَاوِيَةُ إِلَى زِيَادٍ يُهَدِّدُهُ ، فَخَطَبَ زِيَادٌ : ابْنَ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ يُهَدِّدُنِي وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ابْنُ رَسُولِ اللهِ ، فَلَمَّا بَايَعَ الْحَسَنُ مُعَاوِيَةَ أَهَمَّهُ أَمْرُ زِيَادٍ لِتَحَصُّنِهِ بِقِلَاعِ فَارِسَ ، فَأَرْسَلَ الْمُغِيرَةَ إِلَيْهِ فَتَلَطَّفَ مَعَهُ حَتَّى أَقْدَمَهُ عَلَى مُعَاوِيَةَ ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ الْخِلَافَةَ ثَانِيَةً فَأَبَى فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ أَبِي سُفْيَانَ فَنَشَرَتْ شَعْرَهَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَتْ : أَنْتَ أَخِي أَخْبَرَ بِهِ أَبِي فَعَزَمَ عَلَى قَبُولِ الدَّعْوَةِ ، فَأَخْرَجَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى الْجَامِعِ وَأَحْضَرَ زِيَادٌ أَرْبَعَةَ شُهُودٍ بِزِنَا أَبِي سُفْيَانَ بِأُمِّهِ سُمَّيَةَ ، فَقَالَ رَجُلٌ : يَا مُعَاوِيَةُ الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ ، فَشَتَمَهُ مُعَاوِيَةُ وَأَنْفَذَ الشَّهَادَةَ وَحَكَمَ بِنَسَبِهِ وَوَلَّاهُ الْبَصْرَةَ.
و « آل زِيَادٍ » فرقة من الخوارج الذين خرجوا على الحسين بن علي عليه السلام فقاتلوه وقتلوه. و « الزِّيْدِيَّةُ » من قال بإمامة زيد بن علي بن الحسين عليه السلام ، وهؤلاء يقولون بإمامة كل فاطمي عالم صالح ذي رأي يخرج بالسيف.
وَزَيْدُ بْنِ عَلِيٍّ هَذَا قُتِلَ وَصُلِبَ بِالْكُنَاسَةِ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْكُوفَةِ ، وَقَدْ نَهَاهُ الْبَاقِرُ عليه السلام عَنِ الْخُرُوجِ وَالْجِهَادِ فَلَمْ يَنْتَهِ فَصَارَ إِلَى ذَلِكَ.
واختلفت الروايات في أمره : فبعضها يدل على ذمه بل كفره لدعواه الإمامة بغير حق ، وبعضها يدل على علو قدره وجلالة شأنه ، فجمع بين الذم والمدح