إخبارا عما أكرمه الله تعالى به من الفضل والسؤدد ، وتحدثا بنعمة الله تعالى عنده ، وإعلاما لأمته ليكون إيمانهم به على حسبه وموجبه ، ولهذا أتبعه بقوله « ولا فخر » أي إن هذه الفضيلة نلتها كرامة من الله ولم أنلها من قبل نفسي ولا بلغتها بقوتي ، فليس لي أن أفتخر بها.
وَفِي حَدِيثِ الْحَسَنَيْنِ « أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ».
أي أفضل من مات شابا في سبيل الله من أصحاب الجنة ، ولم يرد به سن الشباب لأنهما عليه السلام ماتا وقد كهلا ، أو أنهما سَيِّدَا شباب أهل الجنة فإن أهلها كلهم شباب. والسَّوَادُ لون معروف يضاد البياض.
وَفِي الدُّعَاءِ « اللهُمَّ لَا تُسَوِّدْ وَجْهِي يَوْمَ تَبْيَضُّ فِيهِ الْوُجُوهُ ».
المراد بِسَوَادِ الوجه هنا الحقيقة أو الكناية عن الخجل والكآبة والوجل ـ كما قاله المفسرون في قوله تعالى ( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ) وسَوَادُ الكوفة : نخيلها وأشجارها ، ومثله « سَوَادُ العراق » سمي بذلك لخضرة أشجاره وزرعه وحَدُّهُ طُولاً من حديثة الموصل إلى عبادان ، وعرضاً من العذيب إلى حلوان ، وهو الذي فتح على عهد عمر ، وهو أطول من العراق بخمسة وثلاثين فرسخا ـ كذا نقلا عن المغرب.
وَفِي الْحَدِيثِ سُئِلَ عَنِ السَّوَادِ مَا مَنْزِلَتُهُ؟ فَقَالَ : هُوَ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.
و « سَوَادُ خيبر وبياضها » أرضها ونخلها كما جاءت به الرواية عنهم عليه السلام. والسَّوَادُ المخترم في قَوْلِ الْقَائِلِ : « الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْنِي مِنَ السَّوَادِ الْمُخْتَرَمِ » (١).
عند رؤية الجنازة يحتمل أن يراد به الشخص وأن يراد به عامة الناس. والمُخْتَرَم بالخاء المعجمة والراء المهملة الهالك ، والمعنى الحمد لله الذي لم يجعلني من الهالكين.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عليه السلام لِأَصْحَابِهِ فِي صِفِّينَ « الْزَمُوا السَّوَادَ الْأَعْظَمَ » (٢).
__________________
(١) الكافي ج ٣ صلى الله عليه وآله ١٦٧.
(٢) نهج البلاغة ج ٢ صلى الله عليه وآله ١١.