أن الصَّعِيدَ في قوله : ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) أنه التراب الطاهر الذي على وجه الأرض أو خرج من باطنها. قوله : ( صَعِيداً زَلَقاً ) [ ١٨ / ٤٠ ] أي أرضا بيضاء يزلق عليها لملاستها. قوله : ( عَذاباً صَعَداً ) [ ٧٢ / ١٧ ] أي شديدا شاقا. والصَّعَدُ مصدر صَعَدَ ، وصف به العذاب لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه. قوله ( سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ) [ ٧٤ / ١٧ ] الصَّعُودُ بفتح الصاد : العقبة الشاقة ، وقيل إنها نزلت في الوليد بن المغيرة لأنه يكلف في القيامة أن يصعد جبلا من النار من الصخرة ملساء ، فإذا بلغ أعلاها لم يترك أن يتنفس وجذب إلى أسفلها ثم يكلف مثل ذلك (١) قوله : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ ) [ ٣ / ١٥٣ ] الإِصْعَادُ : الابتداء في السفر والانحدار : الرجوع. وقيل الإِصْعَادُ الذهاب في الأرض والإبعاد سواء ذلك في صعود أو حدور. قوله : ( كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ) [ ٦ / ١٢٥ ] شبهه مبالغة في ضيق صدره بمن يزاول ما لا يقدر عليه ، فإن صُعُودَ السماء مثل فيما يبعد عن الاستطاعة وتضيق عنه المقدرة ، ونبه به على أن الإيمان ممتنع منه كما يمتنع عليه الصعود إلى السماء. وقرئ « يَصَّاعَدُ » أي يتصاعد. وفي تفسير الشيخ علي بن إبراهيم ( كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ ). قال : يكون مثل شجرة حولها أشجار كثيرة فلا تقدر أن تلقى أغصانها يمنة ويسرة ، فتمر في السماء فتسمى حرجة فضرب بها مثل (٢) قوله : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ ) [ ٣٥ / ١٠ ] أي يقبله ، لأن كلما يتقبل الله من الطاعات يوصف بالرفع والصعود ، ولأن الملائكة يكتبون أعمال بني آدم ويرفعونها إلى حيث يشاء الله ، لقوله تعالى : ( إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ )
وَفِي الْحَدِيثِ « يَجْمَعُ اللهُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ». قيل هي
__________________
(١) انظر البرهان ج ٤ صلى الله عليه وآله ٤٠١.
(٢) تفسير علي بن إبراهيم صلى الله عليه وآله ٢٠٤.