معاصيه فهذا لا نسخ فيه وهو قول حسن لأن واحدة الشعائر شعرة من شعرت به أي علمت به فيكون المعنى لا تحلوا معالم الله وهي أمره ونهيه وما أعلمه الناس فلا تخالفوه .. وقد روي عن ابن عباس الهدي ما لم يقلد وقد عزم صاحبه على أن يهديه والقلائد ما قلد فأما الربيع بن أنس فتأول معنى ولا القلائد انه لا يحل لهم أن يأخذوا من شجر الحرم فيتقلدوه وهذا قول شاذ بعيد .. وقول أهل التأويل إنهم نهوا أن يحلوا ما قلد فيأخذوه ويغصبوه .. فمن قال هذا منسوخ فحجته بينة إن المشرك حلال الدم وان تقلد من شجر الحرم وهذا بين جيد .. وفي هذه الآية مما ذكر أنه منسوخ قوله عز وجل ( وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا ) (١) .. قال عبد الرحمن بن زيد هذا كله منسوخ نسخه الجهاد .. [ قال أبو جعفر ] ذهب ابن زيد إلى أنه لما جاز قتالهم لأنهم كفار جاز أن يعتدى عليهم ويبدءوا بالقتال .. وأما غيره من أهل التأويل فذهب الى أنها ليست بمنسوخة .. فممن قال ذلك مجاهد واحتج بقول النبي صلىاللهعليهوسلم : « لعن الله من قتل بذحل في الجاهلية فأهل التأويل وأكثرهم متفقون على أن المعنى ولا يحملنكم إبغاض قوم لأن صدوكم عن المسجد الحرام يوم الحديبية على أن تعتدوا لأن سورة المائدة نزلت بعد يوم الحديبية فالبين على هذا أن تقرأ أن صدوكم بفتح الهمزة لأنه شيء قد تقدم .. واختلف العلماء في الآية الثانية.
باب
ذكر الآية الثانية
قال الله تعالى ( الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ ) (٢) فقالوا فيها ثلاثة أقوال .. فمنهم من قال أحل لنا طعام أهل الكتاب وإن ذكروا عليه غير اسم الله فكان هذا ناسخا لقوله تعالى ( لا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ ) (٣) .. وقال قوم ليس هذا نسخا ولكنه مستثنى من ذلك .. وقال آخرون ليس بنسخ ولا استثناء ولكن اذا ذكر أهل الكتاب غير اسم الله لم تؤكل ذبيحتهم .. فالقول الأول عن جماعة من العلماء كما قال عطاء كل ذبيحة النصراني وإن قال باسم المسيح لأن
__________________
(١) سورة : المائدة ، الآية : ٢
(٢) سورة : المائدة ، الآية : ٥
(٣) سورة : الأنعام ، الآية : ١٢١