المحارب لله ولرسوله من المسلمين من فسق وشهر سلاحه وخرج على المسلمين فحاربهم .. وردوا على من قال لا يكون المحارب لله ورسوله إلا مشركا بحديث معاذ عن النبي صلىاللهعليهوسلم من عادى وليا من أولياء الله فقد بارز الله بالمحاربة وحدثنا .. أحمد بن محمد الأزدي قال حدثنا الحسن بن الحكم قال حدثنا أبو غسان مالك بن اسماعيل عن السدي عن سنيح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال لعلي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين رضياللهعنهم أنا سلّم لمن سالمتم وحرب لمن حاربتم أفلا ترى قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمن ليس بكافر وتسميته إياه محاربا وقد رد أبو ثور وغيره على من قال ان الآية في المشرك إذا فعل هذه بأشياء بينة قال قد أجمع العلماء على أن المشرك إذا فعل هذه الأشياء ثم أسلّم قبل أن يتوب منها أنه لا يقام عليه شيء من حدودها لقوله تعالى ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) (١) فهذا كلام بين حسن .. وقال غيره لو كانت الآية في المشرك لوجب في أسارى المشركين أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض وهذا لا نقوله .. وقال بعض العلماء الآية عامة في المشركين والمسلمين فهذه أربعة أقوال .. والقول الخامس أن تكون الآية على ظاهرها إلا أن يدل دليل خارج فيخرج بالدليل فقد دل ما ذكرناه على أن أهل الحرب من المشركين خارجون منها فهذا أحسن ما قيل فيها وهو قول أكثر الفقهاء .. ثم اختلفوا فيمن لزمه اسم المحاربة أيكون الإمام مخيرا فيه أم تكون عقوبته على قدر جنايته .. فقال قوم الإمام مخير فيه على أنه يجتهد وينظر للمسلمين .. فممن قال هذا من الفقهاء مالك بن أنس وهو مروي عن ابن عباس وهو قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز ومجاهد والضحاك .. وممن قال العقوبة على قدر الجناية وليس إلى الإمام في ذلك خيار علي والحسن وعطاء وسعيد بن جبير وأبو مجلز وهو مروي أيضا عن ابن عباس الا أنه من رواية الحجاج بن أرطاة عن عطية عن ابن عباس وعطية والحجاج ليسا بذاك عند أهل الحديث وقال بهذا من الفقهاء الأوزاعي والشافعي وهو قول أصحاب الرأي سفيان وأبي حنيفة وأبي يوسف غير أنهم اختلفوا في الترتيب في أكثر الآية فما علمت أنهم اتفقوا إلا فيمن خرج فقتل فإن أصحاب الترتيب أجمعوا على قتله وسنذكر اختلافهم .. فأما أصحاب التخيير الذين قالوا ذلك إلى الإمام حجتهم ظاهر الآية وان أو في العربية كذا معناها اذا قلت خذ دينارا أو درهما ورأيت زيدا أو عمرا واحتجوا بقول الله تعالى ( فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ
__________________
(١) سورة : الأنفال ، الآية : ٣٨