من قال هي منسوخة .. ومنهم من قال هي مخصوصة لأهل بدر لأنها فيهم نزلت .. ومنهم من قال هي محكمة وحكمها باق الى يوم القيامة .. فممن قال هي منسوخة عطاء بن أبي رباح قال نسختها ( يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ) (١) الى تمام الآيتين أي فنسخ التخفيف عنهم والاطلاق لهم أن يولوا ممن هو أكثر من هذا العدد .. والقول الثاني انها مخصوصة قول الحسن كما حدثنا .. محمد بن جعفر الأنباري قال حدثنا حاجب بن سليمان قال حدثنا وكيع عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال ليس الفرار من الكبائر انما كان في أهل بدر خاصة هذه الآية ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ ) وقرئ .. على أحمد بن شعيب عن أبي داود حدثنا أبو زيد الهروي قال حدثنا شعبة قال حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال نزلت ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ) الآية في أهل بدر .. والقول الثالث أن حكمها باق الى يوم القيامة قول ابن عباس كما حدثنا .. بكر بن سهل قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وذكر الكبائر قال الفرار من الزحف لأن الله قال ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ) .. [ قال أبو جعفر ] وهذا أولى ما قيل فيه ولا يجوز أن تكون منسوخة لأنه خبر ووعيد ولا ينسخ الوعيد كما لا ينسخ الوعد فان قيل فحديث أبي سعيد الخدري متصل الاسناد .. وقد أخبر بنزول الآية في أهل بدر وحكمها باق الى يوم القيامة وأهل بدر كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم فكان لهم أن ينحازوا اليه فكذا كل امام والدليل على أن حكمها باق الى يوم القيامة ما حدثناه .. عليّ بن الحسين قال حدثنا الحسن بن محمد قال حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن عمر قال كنت في غزوة مشايحا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فلقينا العدوّ فحاص الناس حيصة ويقال جاض الناس جيضة وكنت فيمن جاض فرجعنا إلى أنفسنا فقلنا كيف يرانا المسلمون وقد بؤنا بالغضب قال ثم قرأ ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ) فقلنا نأتي المدينة فنبيت بها ثم نخرج فلا يرانا أحد فلما أتينا المدينة قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرصدناه حين خرج الى صلاة الفجر فقلنا يا رسول الله نحن الفرارون قال بل أنتم العكارون قلنا انا قد هممنا بكذا وكذا قال لا إنا فئة المسلمين ( وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ ) (٢) .. [ قال أبو جعفر ]
__________________
(١) سورة : الأنفال ، الآية : ٦٥
(٢) هكذا في الأصل ولم يظهر لنا تطبيق معنى ما أراده على ما استشهد به فليحرر.