يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده من أحدث حدثا فعلى نفسه ومن آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين [ قال أبو جعفر ] فسوى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين المؤمنين في الدنيا شريفهم ووضيعهم وحرهم وعبدهم .. وهذا قول الكوفيين في العبد خاصة .. فأما في الذكر والأنثى فلا اختلاف بينهم الا ما ذكرناه من التراجع .. والموضع الآخر ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) (١) الآية .. قيل هي ناسخة لما كان عليه بنو اسرائيل من القصاص بغير دية. كما حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا سلمة قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن مجاهد عن ابن عباس .. قال كان القصاص في بني اسرائيل ولم تكن الدية فقال الله عز وجل لهذه الأمة ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ ) قال عفوه أن يقبل الدية في العمد واتباع بالمعروف من الطالب ويؤدي اليه المطلوب باحسان ( ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ) (٢) عما كتب على من كان قبلكم [ قال أبو جعفر ] يكون التقدير فمن صفح له عن الواجب عليه من الدم فأخذت منه الدية .. وقيل عفي بمعنى كثر من قوله عز وجل حتى عفوا .. وقيل كتب معنى فرض على التمثيل وقيل كتب عليكم في اللوح المحفوظ (٣) .. وكذا كتب في آية الوصية وهي الآية الخامسة.
باب
ذكر الآية الخامسة
قال جل ثناؤه ( كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٤) في هذه الآية خمسة أقوال .. فمن قال ان
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ١٧٨
(٢) قلت قوله حتى عفوا .. هكذا وقع لنا في الأصل وأما عفا بمعنى كثر فقد حكاه الراغب في مفرداته وابن الاثير في نهايته ومثلا له بحديث أمره صلىاللهعليهوسلم باعفاء اللحى وهو أن يوفر شعرها فلا يقصه من عفا الشيء اذا كثر.
(٣) قلت قال ابن حزم وابن سلامة قوله تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ) قالا الى هنا موضع النسخ وباقي الآية محكم قالا واللفظ لابن سلامة وأجمع المفسرون على نسخ ما فيها من المنسوخ واختلفوا في ناسخها فقال العراقيون وجماعة ناسخها الآية التي في المائدة وهي قوله تعالى ( وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) الآية وقال الحجازيون وجماعة ناسخها الآية التي في بني اسرائيل ( وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) قالا وقتل الحر بالعبد اسراف وكذلك قتل المسلم بالكافر .. ثم حكى ابن سلامة قول العراقيين بجواز قتل المسلم.
(٤) سورة : البقرة ، الآية : ١٨٠