أنت وهذا الى أبي بكر الصديق فجئت أنت تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر الصديق قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « لا نورث ما تركنا صدقة » فوليها أبو بكر .. فما توفّي أبو بكر قلت أنا وليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووليّ أبو بكر فوليتها ما شاء الله أن أليها ثم جئت أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فسألتمانيها فقلت إن أدفعها اليكما على أنّ عليكما عهد الله لتليانها بالذي كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يليها به وأخذتماها على ذلك ثم جئتماني لأقضي بينكما بغير ذلك فو الله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فان عجزتما عنها فردّاها اليّ أكفكماها فقد تبين بهذا الحديث ان قوله تعالى ( ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ ) (١) الأوّل خلاف الثاني وانه جعل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خاصة وان الثاني خلافه لأنه لا جناس جماعة وقوله صلىاللهعليهوسلم : « لا نورث ما تركنا صدقة » فأصحاب هذا الحديث يعرفون هذا الحديث فيجعلونه من حديث عمر ثم يجعلونه من حديث عثمان ومن حديث علي ومن حديث الزبير ومن حديث سعد ومن حديث عبد الرحمن بن عوف ومن حديث العباس لأنهم جميعا قد أجمعوا عليه وفي قوله صلىاللهعليهوسلم : « لا نورث » قولان أحدهما أنه يخبر عنه وحده كما يقول الرئيس فعلنا وصنعنا وسمعنا والقول الآخر أن يكون لا نورث لجميع الأنبياء عليهمالسلام وأكثر أهل العلم على هذا القول فان أشكل على أحد قوله عز وجل ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) (٢) وما بعده فقد بين هذا أهل العلم فقالوا انما قال زكرياء عليهالسلام ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي ) لأنه خاف أن لا يكون في مواليه مطيع لله يرث النبوة من بعده والشريعة فقال ( فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (٣) ثم قال ( وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) (٣) وكذلك قوله ( وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ ) (٤) فإن أشكل على أحد فقال ان سليمان قد كان نبيا في وقت أبيه قيل انه قد كان ذلك الا أن الشرائع كانت الى داود وكان سليمان معينا له فيها وكذلك كانت سبيل الأنبياء عليهمالسلام اذا اجتمعوا أن تكون الشريعة الى واحد منهم فورث سليمان ذلك .. وأما قوله صلىاللهعليهوسلم : « ما تركنا صدقة » فللعلماء فيه ثلاثة أقوال .. منهم من قال كان النبي صلىاللهعليهوسلم قد تصدق به .. ومنهم من قال هو بمنزلة الصدقة أي لا نورث وانما هو في مصالح المسلمين .. والقول الثالث أن تكون الرواية « لا نورث ما تركنا صدقة » بالنصب ويكون ما بمعنى الذي ويكون في موضع نصب أيضا والمعاني في هذا متقاربة لأن المقصود أنه صلىاللهعليهوسلم لا يورث.
__________________
(١) سورة : الحشر ، الآية : ٦
(٢) سورة : مريم ، الآية : ٥
(٣) سورة : مريم ، الآية : ٦
(٤) سورة : النمل ، الآية : ١٦