باب
ذكر الآية الثانية
قال عز وجل ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ) (١) .. فنسخ الله بهذا على قول جماعة من العلماء ما كان النبي صلىاللهعليهوسلم عاهد عليه قريشا أنه اذا جاءه أحد منهم مسلما رده اليهم فنقض الله هذا في النساء ونسخه وأمر المؤمنين اذا جاءتهم امرأة مسلمة مهاجرة أن يمتحنوها فان كانت مؤمنة على الحقيقة لم يردوها اليهم .. واحتج من قال بهذا بأن القرآن ينسخ السنة .. ومنهم من قال هذا كله منسوخ في الرجال والنساء ولا يجوز للإمام أن يهادن الكفار على أنه من جاءه منهم مسلما رده اليهم لأنه لا يجوز عند أحد من العلماء أن يقيم مسلّم بأرض الشرك تجري عليه أحكام الشرك .. واختلفوا في التجارة الى أهل الشرك .. وسنذكر ذلك بعد ذكر الحديث الذي فيه خبر صلح النبي صلىاللهعليهوسلم وما في ذلك من النسخ والأحكام والفوائد .. فمن ذلك ما قرئ .. على أحمد بن شعيب بن علي بن سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال حدثنا سفيان عن الزهري قال ونبأني معمر بعد عن الزهري عن عروة بن الزبير ان مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يزيد احدهما على صاحبه قالا خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه فلما أتى ذا الحليفة قلد الهدي وأشعره وأحرم منها ثم بعث عينا له من خزاعة وسار النبي صلىاللهعليهوسلم حتى اذا كان وذكر كلمة .. [ قال أبو جعفر ] الصواب حتى اذا كان بعد برّ الاشطاط أتى عينه فقال ان قريشا أجمعوا لك جموعا وجمعوا لك الأحابيش وأنهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت .. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم أشيروا عليّ أترون ان نميل على ذراري هؤلاء القوم الذين أعانوا علينا فان يحينوا يكن الله قد قطع عنقا من الكفار والا تركتهم محروبين موتورين .. فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله انما خرجت بهذا الوجه عامدا لهذا البيت لا تريد قتال أحد فتوجه له فمن صدّنا عنه قاتلناه فقال النبي صلىاللهعليهوسلم امضوا على اسم الله .. [ قال أبو جعفر ] احسب ان أبا عبد الرحمن اختصر هذا الحديث بما فيه والذي فيه يحتاج الى تفسيره والحكمة فيه أو يكون جاء بما يقدر انه يحتاج اليه منه لأن عبد الرزاق رواه عن معمر عن الزهري عن عروة عن المسور ومروان بتمامه فذكروا نحو هذا قال فراحوا يعني إذ كانوا ببعض الطريق قال النبي صلىاللهعليهوسلم ان خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين فو الله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بغبرة الجيش وانطلق يركض
__________________
(١) سورة : الممتحنة ، الآية : ١٠