والوجه الرابع المختلف فيه هو نسخ الكتاب بالسنة .. قال بعض العلماء يجوز وقال بعضهم لا يجوز .. فممن جوز ذلك أبو حنيفة رحمة الله عليه وقال لي قائل قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا وصية لوارث فهل تجوز الوصية للوارث قلت لا قال فهل لك دليل رفع الحكم من قوله ( وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ ) (١) وقوله تعالى ( الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ) (٢) غير قوله صلىاللهعليهوسلم : « لا وصية لوارث » قلت نعم قال وما هو قلت قوله تعالى ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) (٣) الآية وقوله ( إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ) (٤) .. قال لي فما تقول في قوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ ) (٥) أهو على العموم أم لا قلت على العموم قال فهل يجوز أكل السمك والجراد قلت جائز أكلهما قال افهما من الميتة أم لا قلت من الميتة قال فما تقول في الكبد والطحال قلت مباح أكلهما قال أفهما من جملة الدماء قلت نعم قال اذا كانت الآية على العموم فلم جوزت أكل السمك والجراد وهما من الميتة والكبد والطحال وهما من جملة الدماء قلت لقوله صلىاللهعليهوسلم : « أحلت لنا ميتتان ودمان » وهما السمك والجراد والكبد والطحال فهذا على نسخ الكتاب بالسنة قال ليس هذا كما زعمت لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قال أحلت لنا ولم يقل أحللت لكم فالتحليل من جهة الله لا من جهته فإذا كان التحليل من جهته بطل ما ذكرت فليس قوله تعالى ( فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً ) (٦) منسوخا بقوله صلىاللهعليهوسلم : « الثيب بالثيب الرجم والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام » قال لا قلت فبما نسخ قال بقوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ ).
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٤٠
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ١٨٠
(٣) سورة : النساء ، الآية : ١١
(٤) سورة : النساء ، الآية : ١٧٦
(٥) سورة : المائدة ، الآية : ٣
(٦) سورة : النساء ، الآية : ١٥