لما أوجب الله سبحانه للمتوفى عنها زوجها من مال المتوفى نفقة حول والسكنى ثم نسخ ذلك ورفعه نسخ ذلك أيضا عن الوارث .. وأما قول من قال وعلى الوارث مثل ذلك أنه الأنصار فقول حسن لأن أموال الناس محظورة فلا يخرج منها شيء إلا بدليل قاطع .. وأما قول من قال على ورثة الأب والحجة له أن النفقة كانت على الأب فورثته لولي من ورثة الابن .. وأما حجة من قال على ورثة الابن فيقول كما يرثونه يقومون به .. [ قال أبو جعفر ] وكان محمد بن جرير يختار قول من قال الوارث هاهنا الابن وهو وإن كان قولا غريبا فالإسناد به صحيح والحجة به ظاهرة لأن ماله أولى به .. وقد أجمع الفقهاء إلا من شذ منهم أن رجلا لو كان له طفل وللولد مال والأب موسر انه لا يجب على الأب نفقة ولا رضاع وان ذلك من مال الصبي فان قيل قد قال الله تعالى ( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَ ) (١) قيل هذا الضمير للمؤنث ومع هذا فإن الاجماع حد لأنه مبين بها لا يسمع مسلما الخروج عنه .. وأما قول من قال ذلك على من بقي من الأبوين فحجته أنه لا يجوز للأم تضييع ولدها وقد مات من كان ينفق عليه وعليها .. وأما قول من قال النفقة والكسوة على كل ذي رحم محرم فحجته أن على الرجل أن ينفق على كل ذي رحم محرم إذا كان فقيرا .. [ قال أبو جعفر ] وقد عورض هذا القول بأنه لم يوجد من كتاب الله تعالى ولا من إجماع ولا من سنة صحيحة بل لا نعرف سوى قول من ذكرناه .. وأما القرآن فقال سبحانه ( وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ ) (٢) فتكلم الصحابة والتابعون فيه بما تقدم ذكره فان كان على الوارث النفقة والكسوة فقد خالفوا ذلك فقالوا إذا ترك خاله وابن عمه فالنفقة على خاله وليس على ابن عمه شيء فهذا مخالفة نص القرآن لأن الخال لا يرث مع ابن العم في قول أحد ولا يرث وحده في قول كثير من العلماء .. والذين احتجوا به من النفقة على كل ذي رحم محرم أكثر أهل العلم على خلافه .. وأما الآية الخامسة والعشرون فقد تكلم العلماء فيها أيضا فقال أكثرهم هي ناسخة وقال بعضهم فيها نسخ والله أعلم.
باب
ذكر الآية الخامسة والعشرين
قال جل ثناؤه ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ) (٢) الآية أكثر العلماء على أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ
__________________
(١) سورة : البقرة ، الآية : ٢٣٣
(٢) سورة : البقرة ، الآية : ٢٣٤