قلت : اعتبارها فيها من قبيل الأسباب الشرعيّة والأمور التعبديّة ، وأمّا اعتبارهم إيّاها في الرواية فالظاهر منهم والمستفاد من كلماتهم (١) أنّها لأجل الوثوق ، وأنّ عدم اعتبار رواية غيرهم من عدمه ، مع أنّ ما استدلّوا به له الآية (٢) ، وقد عرفت ظهورها ، بل وكونها نصّاً في ذلك. سلّمنا ، لكن ظهورها في كون التبيّن في رواية الفاسق وعدمه في غيرها من باب التعبّد من أين؟! سلّمنا ، لكن المتبادر من الفاسق فيها والظاهر منه هنا من عرف بالفسق ، وسنذكر في عليّ بن الحسين السعد آبادي ما يؤكّد ذلك ، ولو سلّم عدم الظهور فظهور خلافه ممنوع ، فالثابت منها عدم قبول خبر المعروف به ، وأمّا المجهول فلا.
ونُسب إلى كثير من الأصحاب قبوله منه ، ويظهر من كثير من التراجم أيضاً ، على أنّ المستفاد حينئذ عدم قبول خبر الفاسق لا اشتراط العدالة ، والواسطة بينهما موجودة قطعاً ، سيما على قولكم بأنّها الملكة ، وخصوصاً بعد اعتبار اجتناب منافيات المروّة ، وكذا بعد تخصيصها بالمكلّفين ، وكذا بالشيعة (٣) الاثني عشريّة ، لما ستعرف.
هذا حال الآية. على أنّه على هذا لا وجه لاشتراط الضبط في الراوي كما شرطتم.
وأمّا الإجماع ، ففيه ـ بعدما عرفت ـ : إنّ الناقل الشيخ ، وهو صرّح بأنّه يكفي كون الراوي متحرّزاً عن الكذب ، إلى آخر ما ذكرناه عنه سابقاً وما سنذكر عنه في الفائدة الثانية والثالثة ، وسنذكر عن غيره أيضاً ما ينافي
__________________
١ ـ في « ق » : كلامهم.
٢ ـ أية النبأ ، الحجرات : ٦.
٣ ـ في « ب » : بين الشيعة.