كان عدم صحّة الصلاة في الميتة لحيثية كونها ميتةً مع قطع النظر عن جهة النجاسة نُظِر إلى أدلة عدم صحّة الصلاة في الميتة ، فإنْ استفيد منها شيء من وجوب الإعادة أو عدمه فهو ، وإلّا ، فإنْ اشتملت على صفة النجاسة فالحكم ما مرّ ، وإلّا بأنْ كانت ميتة غير ذي النفس كالسمك مثلاً فالحكم عدم الإعادة لقاعدة : « لا تعاد ».
تنبيه : قال في ( المدارك ) عند قول المصنّف : ( أو وجده مطروحاً أعاد ) : ( قد صرّح المصنّف وغيره (١) بوجوب الإعادة هنا ، نظراً إلى أصالة عدم التذكية ، وهو مشكل ؛ لأنّ مرجع الأصل هنا إلى الاستصحاب. ولم يقم على التمسك به دليل يعتد به ) (٢). انتهى.
وفيه : أنّه لو سلّم عدم حجية الاستصحاب مطلقاً فلا إشكال في اعتباره هنا ؛ لما ورد من أنّه عليهالسلام سئل عن صيد أُرسل عليه كلاب معلَّمة فدخل بينها كلبٌ غير معلَّم فقُتل الصيد فيما بينها ولم يُعلم أنّه قتله المعلَّم أو غيره ، فقال : « لا يحلّ لك أكله ؛ لأنّك لا تدري أقتله المعلَّم أم غيرهُ » (٣) ، فإنّ تعليل عدم الحلّ بعدم العلم ليس من جهة أنّ العلم بالتذكية سبب للحلّ ، إذ لا دخل للعلم في ذلك ، بل من جهة أنّ سبب الحلّ هو التذكية الواقعيّة ؛ فيكون سبب عدم الحلّ هو عدم التذكية الواقعي ، وعدم التذكية الواقعي ليس بمُحْرزٍ بالعلم فيكون إحرازه حينئذ بالأصل ، وهو معنى قوله عليهالسلام : « لأنّك لا تدري ».
قوله : ( إذا لم يعلم أنّه من جنس ما يصلّى فيه ، وصلّى أعاد ).
أقول : العبارة تشمل صورتي التردّد والجهل المركّب. والكلام في الأُولى يقع في مقامين :
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ٢٨٥.
(٢) مدارك الأحكام ٤ : ٢١٤ ، باختلاف يسير.
(٣) الكافي ٦ : ٢٠٦ / ١٩ ، الوسائل ٢٣ : ٣٤٣ ، أبواب الصيد ، ب ٥ ، ح ٢ ، وفيهما : « لا يؤكل منهما ؛ لأنك لا تدري أخذه معلَّم أم لا ».