وجوب العمل بالظن
قوله رحمهالله : ( لو غلب على ظنّه أحد طرفي ما شكّ فيه بنى على الظنّ ) .. إلى آخره.
أقول : لا إشكال في وجوب العمل بالظنّ ، بل لا خلاف فيه في الجملة ، وهو الظنّ في عدد الأخيرتين.
وذهب بعضٌ إلى عدم اعتباره في الشكوك المبطلة المتعلّقة بعدد الثنائيّة والثلاثيّة وأُوليي الرباعيّة ؛ لاشتمال بعض الأدلّة على اعتبار اليقين فيها كـ : « حتى تثبتهما » (١) و « حتى يحفظهما » (٢) و: حتى يحرز أنّه قد أتى بهما (٣) ، وكأنّه لاحظ النسبة بين هذه الأدلّة وما دلّ على كفاية الظنّ عن العلم ، فجعلها العموم من وجه ، ورجّح هذه الأدلّة على تلك ، فعمل عليها وطرح تلك.
فلنذكر بعض ما دلّ على كفاية الظنّ لتعرف النسبة ، فمنه ما ورد من أنّه إذا لم يدرِ كم صلّى فإنْ غلب على ظنّه أحد الطرفين بنى عليه (٤) ، فأمّا أنْ يراد بقوله : « إذا لم يدرِ كم صلّى » عدم إحراز شيء من العدد أصلاً ، فيكون من الشكوك المبطلة لعدم إحراز الأُوليين ، فيكون مورده أخصّ مطلقاً من مورد ما دلّ على اعتبار اليقين فيما عدا الأخيرتين ، فيتعيّن العمل به في خصوص هذا المورد.
وأمّا أنْ يراد به مطلق الشكّ في العدد وعدم إحرازه ، فقد يقال حينئذٍ بوجوب العمل بما دلّ على إناطة صحّة الصلاة بإحراز الأُوليين على جهة اليقين ؛ لأنّ النسبة بينه وبين ما دلّ على كفاية الظنّ العموم من وجه ، والترجيح له.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٧٧ / ٧٠٦ ، الإستبصار ١ : ٣٦٤ / ١٣٨٣ ، الوسائل ٨ : ١٩١ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، ح ١٥.
(٢) الفقيه ١ : ١٢٨ / ٦٠٥ ، الوسائل ٨ : ١٨٧ ١٨٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، ح ١ ، وفيهما : « فمن شكّ في الأوليين أعاد حتى يحفظ ويكون على يقين ».
(٣) انظر : الوسائل ٨ : ١٨٧ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، وفيه أيضاً ٢٢٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١١ ، ح ٣.
(٤) انظر الوسائل ٨ : ٢١١ ٢٢٥ ، أبواب الخلل في الصلاة ، ب ٧ ، ب ١٠ ، ب ١١ ، ب ١٥.