الشروع في الصلاة ، لا ما هو الظاهر من الإعادة من فعل الصلاة ثانياً بعد الإتيان بها أو بشيء منها أوّلاً. فإنّ من أخلّ بالتكبير حتى قرأ لم يتحقّق منه الشروع في الصلاة ؛ لأنّ افتتاحها التكبير ، وجعل النيّة غاية للإخلال بالقيام إنّما يتمّ على تفسير النيّة بالإخطار ، وأمّا على تفسيرها بالداعي فلا ؛ لسبق النيّة حينئذ على القيام وعلى جميع أفعال الصلاة ، فلا يمكن تحقّق الإخلال بالقيام سهواً حتى تحصل النيّة.
ولا بأس بالإشارة إلى الفرق بين الإخطار والداعي في الجملة ، فنقول : لا إشكال في أنّ معنى النيّة هو قصد الفعل على ما هو عليه ، سواءً فسّرت بالداعي أو الإخطار. وإنّما الخلاف في اعتبار مقارنة هذا الأمر للفعل وعدمه ، فمن فسّرها بالإخطار اعتبر ذلك ، ومن لا فلا.
وإنّما اعتبر عدم تخلّل فعل أجنبي عن العبادة بين النيّة والفعل ، وهو المسمّى بالاستدامة الحكميّة ، نظير القول بأنّها الإخطار ، في عدم اشتراط استمرارها باستمرار الفعل ، والاكتفاء بحصول الإخطار أوّل الفعل واستمرار حكمها ما دام الفعل ، بمعنى عدم تخلّل ما ينافي البقاء على مقتضى النيّة السابقة بين أجزاء العبادة.
فالقائل بأنّها الداعي يكتفي بحصول الإخطار بها قبل الفعل ، واستمرار حكمها إلى زمن الفعل ، بألّا يتخلّل بين الإخطار بالنيّة والفعل فعل أجنبي عن العبادة ، فإنّه يزيل حكم النيّة كمن قصد فعل الصلاة امتثالاً لأمر الله ، فقام وتوضّأ لها ثم اشتغل ببعض الأفعال الأجنبيّة عنها ثم أتى بالصلاة من غير تجديد إخطار النيّة ، فإن صلاته باطلة لوقوعها بغير نيّة. والنيّة التي قبل الوضوء زال حكمها بفصل الأجنبيّ بينها وبين الفعل.
وفي حكم فصل الفعل الأجنبيّ ما لو نوى الإتيان بالفعل للامتثال فاشتغل بمقدّماته إلى حين ، لكنّه عند الفعل نوى غير ما نواه أوّلاً غفلةً عن أنّه لم يأتِ بالفعل المقصود أوّلاً ، كمن نوى أنْ يصلّي الظهر فقام وتوضّأ ، فلمّا أراد الصلاة نوى العصر