ذلك القول من كون الأمر المتعلّق بالركوع والسجود ، بمعنى إيجاد تلك الهيئة أو البقاء عليها بنيّة الصلاة ، وهو خلاف الظاهر من متعلّق التكليف.
وقيل بالثاني : وهو المحكي عن كاشف الغطاء رحمهالله (١).
وفيه : أنّه منافٍ لبعض الفتاوى المجمع عليها ، كما إذا نسي رَفْعَ الرأس من الركوع أو الطمأنينة فيه حتى هوى إلى السجود ولم يصل إلى حد الساجد ، وجب عليه التدارك. ولازم قوله رحمهالله عدم المحلّ لتداركهما حينئذ ، بل لازمه أنّه لو نسي الركوع وذكر في تلك الحالة بطلت صلاته ؛ لنسيان الركوع ، مع أنّه خلاف ما عليه بناؤهم.
فالحقّ هو القول الثالث ؛ لأنّه الموافق لمقتضى الأدلّة الآمرة بالركوع والسجود ، المستلزمة لكونهما من قبيل الأفعال ، وهو الموافق لفتاوى الفقهاء ، والله العالم.
قوله رحمهالله : ( من شك في عدد [ الواجبة (٢) ] الثنائيّة ) .. إلى آخره.
أقول : لا إشكال في أنّه إذا حصل الشكّ في عدد الواجبة الثنائيّة كان ذلك مبطلاً ، والدليل على ذلك فيما إذا كان الشكّ في النقيصة والزيادة أو في النقيصة والتمام روايات خاصّة دلّت على أنّه إذا كان الشكّ في الزيادة والنقيصة من الثنائيّة ، وأنّه إذا كان الشكّ في عدد الثنائيّة فالصلاة باطلة. وأمّا إذا كان الشكّ في التمام والزيادة فقد يتمسّك للبطلان فيه بقوله عليهالسلام : « إذا شككت في الفجر فأعد » (٣).
لكن فيه : أنّ ظاهره كون الشكّ في ذات الفجر ، بأنْ يكون أحد طرفي الشكّ متعلّقاً بنفس الفجر ، وأمّا إذا كان الفجر محرَزاً وكان الشكّ في الزيادة عليه فلا يندرج في ظاهر الشكّ في الفجر ، فيكون بمنزلة قوله : « إذا شككت في الأُوليين فأعد » (٤) ، ويؤيّده
__________________
(١) كشف الغطاء : ٢٨١.
(٢) في المخطوط : ( الواجبات ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٣) التهذيب ٢ : ١٧٨ / ٧١٤ ، الإستبصار ١ : ٣٦٥ / ١٣٩٠ ، الوسائل ٨ : ١٩٣ ، ١٩٤ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢ ، ح ١ ، ٥.
(٤) التهذيب ٢ : ١٧٦ / ٧٠٣ وفيه : « إذا شككت في الركعتين الأُوليين فأعد » ، الوسائل ٨ : ١٩٢ ، أبواب