وأمّا الثالث : فما روي من : « أنّك إذا شككت في المغرب فابن على الأكثر » ، وروى أيضاً ما مضمونه : أنّ الله شرّع على العباد عشر ركعات وهي : الأُوليان من كلٍّ من الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، [ وركعتا الصبح ] وليس فيهنّ السهو (١) ، والمراد أنّ الشكّ فيهنّ مبطل ، والنبيّ صلىاللهعليهوآله زاد عليهن سبعاً ، وهي الأخيرة من المغرب والأخيرتان من كلٍّ من الظهر والعصر والعشاء وفيهن السهو ، بمعنى أنّ في الشكّ فيهن علاجاً للصحّة ، فدلّت على أنّ الأخيرة من المغرب ممّا لا يبطله الشكّ.
وأمّا الرابع : فما روي من أنّه عليهالسلام سئل عن الشكّ بين الاثنتين والثلاث من المغرب ، فقال : فليبن على الثلاث وليتم ، ثم ليقم ويأتِ بركعة ، فإنْ ظهر أنّها كانت ناقصة كان ذلك متمّماً لها ، وإنْ ظهر أنّها كانت تامّة حَسَب ما أتى به نافلة (٢).
والظاهر عدم إمكان الجمع بين هذه الروايات ، فإنّ بين بعضها والبعض الآخر عموماً من وجه ، والظاهر أنّ بعضها وهو قوله : « وفيهن السهو » آبٍ عن التخصيص ، فلا بد حينئذ من تأويل ما خالف الأصحاب منها إنْ أمكن ، وإلّا فيطرح ويؤخذ بما عليه الأصحاب ، والله العالم.
قوله رضى الله عنه : ( إذا شكّ في شيء من أفعال الصلاة ) .. إلى آخره.
أقول : لا إشكال في أنّه إذا شكّ في شيء من أفعال الصلاة وكان محلّه باقياً وجب الإتيان به ركناً أو غيره في الأُوليين أوْ لا ، وعليه الإجماعات المنقولة ، وأصل العدم ، وهو أصالة عدم الإتيان بالمشكوك فيه ، وقاعدة الشغل. لكن ينبغي أنْ يعلم أنّ الثمرة في التمسّك بأصل العدم والتمسّك بقاعدة الشغل تظهر من جهتين :
الاولى : أنّ الاستناد إلى أصل العدم يجري في الشكّ في الركن وفي غيره بخلاف
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٧٣ / ٧ ، الوسائل ٤ : ٤٩ ، أبواب أعداد الفرائض ، ب ١٣ ، ح ١٢.
(٢) التهذيب ٢ : ١٨٢ / ٧٢٨ ، الإستبصار ١ : ٣٧٢ / ١٤١٣ ، الوسائل ٨ : ١٩٦ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٢ ، ح ١٢ ، بالمعنى.