الاستمراري عدم وجوب التعيين الابتدائي ، إلّا إنّه لا إشكال عندهم من جواز العدول من أحد الأمرين إلى الآخر.
وأمّا جوازه في الصورة المفروضة لأجل تصحيح الصلاة ، فبيانه : أنّه إن قلنا بأنّ القصر والتمام فردان من ماهيّة واحدة وليسا حقيقتين مختلفتين ، كان التخيير بينهما تخييراً بين الأقلّ والأكثر ، فيجوز العدول حينئذ لتصحيح العمل لعدم المانع ، وإن قلنا بأنّهما ماهيّتان مختلفتان كالظهر والعصر لم يجز العدول ؛ لأنّ المستفاد من أدلّة جواز العدول ، إنّما هو جواز العدول من الماهيّة الصحيحة ، فلا يجوز العدول من شيء إلّا بعد إحراز صحّته. والمفروض أنّ الصحّة مشكوكة في المحلّ المفروض ؛ لاحتمال أن يكون قد زاد ثالثة سهواً ، فلا يكون ذلك عدولاً ممّا علم صحّته فلا يصحّ.
ونظير ذلك ما إذا علم في أثناء صلاة الصبح أنّه لم يصلِّ العشاء ، وقلنا بجواز العدول من الحاضرة إلى الفائتة ، فإذا عرض له الشكّ في فريضة الصبح بين الاثنتين والثلاث ، فهل يجوز له العدول إلى العشاء الفائتة والحكم بصحة الصلاة ، أو لا؟ فإنّه يبتني على كون العدول كاشفاً أو ناقلاً. فإنْ قلنا بالأوّل جاز ؛ لدخوله بمجرّد الشروع في العشاء ، وإن قيل بالثاني لم يجز ؛ لأنّه عدول عن الصبح الباطلة بالشكّ ، فيكون عدولاً من باطل.
الثاني : أنّ ما ذكر من أنّ الثلاثيّة إن كانت فريضة كان الشكّ فيها مبطلاً ، وإن كانت نافلة كان الحكم فيها التخيير ، لا إشكال فيه بالنسبة إلى الواجبة فعلاً وشأناً في الأول ونافلة كذلك في الثاني ، إنّما الإشكال في الواجبة ذاتاً ، المندوبة عرضاً ، كالمعادة جماعة أو احتياطاً ، وصلاة التبرُّع عن الميّت ، والمندوبة ذاتاً الواجبة عرضاً كالنافلة المنذورة.
أمّا الأوّل : فقد يقال بإلحاقه بالنافلة نظراً إلى الاستحباب الفعلي ، والحقّ أنّها بحكم الفريضة الفعليّة ؛ لأنّها تلك في الحقيقة ، وإنّما عرض لها جهة الندب ، ألا ترى أنّ