وقد صرّح جماعة من محقّقي المتأخّرين ( كالمسالك ) (١) و ( الرياض ) (٢) و ( الجواهر ) (٣) ؛ بفساده باطناً. وهو كذلك ؛ لكونه أكل مالٍ بالباطل ، وعدمِ صدق التجارة عن تراضٍ ، إلّا مع الرضا الباطني ببذل الزائد.
قالوا : إلّا إنّ العبرة حينئذٍ به ، لا بالصّلح.
ولا يخفى أنّه يرجع بالآخرة للفساد بالجهالة ؛ لما مرّ من الأدلّة المعتبرة ؛ لدخوله في قاعدة الفساد بالخدع والغرر وإدخال الضرر ، قصارى ذلك براءة ذمّة الباذل للزيادة من حقّ غريمه ، لإيصال حقّه له ، وهو خارجٌ عن المدّعى ، كما لا يخفى على مَنْ وعى ورعى.
أمّا لو صالحه والحال هذه بقدر حقّه ، أو بالأقلّ ، فقد صرّح البعضُ بصحّته ظاهراً وباطناً ، بالعكس مِنْ جهل مَنْ له الحقّ (٤).
بل صرّح في ( الرياض ) (٥) بالإجماع عليه ؛ لرضاه بالأقلّ مع علمه بالقدر ، فينتفي كلٌّ من الخدع والغرر والضرر.
نعم ، قد تتّجه المناقشة بأنّ الصحّة لانتفاء مانعيّة الغرر لا تستلزمها مع فقد شرط المعلوميّة اللازمة للمانعيّة ، إلّا أنْ يتمّ الإجماع ، ولا يخفى ما فيه من صعوبة التحصيل ، والله يقول الحقّ ، وهو يهدي السبيل.
الخامسة : أن يكون مجهولاً عند المستحقّ ، معلوماً عند مَنْ عليه الحقّ ، فأعلمه بالقدر.
والظاهرُ صحّته ، بل صرّح بعضُ المحقّقين بنفي الريب فيها ، سواء صالحه بمقدار حقّه أو بأقلّ منه ، مع الرضا ظاهراً وباطناً به ؛ لحصول العلم بالعوضين ، وصدق التجارة عن تراضٍ ، وإطلاق ما في الصحيحين السابقين ؛ لقولهما عليهماالسلام فيهما : « لا بأْسَ
__________________
(١) المسالك ٤ : ٢٦٣.
(٢) الرياض ٥ : ٤٢٧.
(٣) الجواهر ٢٦ : ٢١٦.
(٤) المسالك ٤ : ٢٦٤ ، الجواهر ٢٦ : ٢١٦.
(٥) الرياض ٥ : ٤٢٧.