كلّها لسماعة قراءة الإمام في الأخيرتين أيضاً ، وقوله : « والأخيرتان تبع للأُوليين » بالرفع كما في بعض النسخ ، أو « تبعاً » بالنصب كما في بعضها علّة ثانية لترك القراءة في الأخيرتين ، فيحصل فيها علّتان ، ويكون الفرق بين الأُوليين والأخيرتين عدم القراءة والتسبيح في الأُوليين ، وسقوط القراءة دون التسبيح في الأخيرتين.
وحينئذٍ ، فينقلب الدليل عليهم ؛ لأنّ نهيه عن أنْ يقول شيئاً فيهما وأمره بالإنصات لقراءة الإمام أنّما يكون مع جهرة بها ، فيصير ترجيح احتماله على احتمالنا ترجيحاً لأحد المتساويين على الآخر بلا مرجّح ، وهو باطل ، وجِيدُهُ عن عِقْد القبول عاطل.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّ قصارى دلالته على تقدير تقريبه أنّ ترك المأموم القراءة ليس لسماع الإمام ، وإنّما كان لتبعيّتهما الأُوليين ، وهُو لا يدلّ على الإخفات بالبسملة ؛ لخروجها عن سائر أجزاء الفاتحة بالدليل الخارجي.
وأمّا ثالثاً ؛ فلأنّ حكمه بتبعيّة الأخيرتين للأُوليين ممّا يدلّ على الجهر بها فيهما كما فيهما ؛ لأنّه ليس نصّاً في أنّ المتبوع فيه سقوط القراءة فقط ، بل كما يحتمل غيره من الجهر والإخفات ، كما احتمله بعض الثقات.
وأمّا قوله : ( ومن [ هنا (١) ] يعلم ضعف تعميم الشيخ البهائي الحكم ).
ففيه : ضعف من وجهين :
الأوّل : أنّ التعميم غير مختصّ بالبهائي كما تقدّم.
الثاني : أنّ ما ذكره غير وارد عليهم ؛ لأنّ قصاراه الإخفات بالقراءة لا يستلزم الإخفات بالبسملة ، كما هو محطّ فسطاط النزاع الذي تكلّل (٢) فيه حدّ اليراع.
وأمّا قوله : ( وأنت إذا ضمّيت هذه الرواية ) .. إلى آخره. فجوابه يعلم من الكلام على كلّ من الروايتين ، فيسقط الاستدلال بهما من البين.
ثمّ قال أورق الله له روح الآمال ـ : ( احتجّ الأكثر على استحباب الجهر في الأُوليين
__________________
(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من النصّ المنقول سابقاً.
(٢) كلّل السيف : إذا لم يقطع. لسان العرب ١٢ : ١٤٢ كلل.