والأخيرتين بصحيحة صفوان (١) وحَسَنة الكاهلي (٢) المتقدّمتين مستندين إلى أنّهما مطلقتان ، وبما رواه الشيخ عن أبي الحسن الثالث عليهالسلام : « إنّ علامة المؤمن خمسٌ : صلاة الخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم في اليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ». ) (٣).
أقول : هذا الكلام صريح في قصر الاستدلال على هذه الروايات الثلاث ، مع أنّ الأخبار الصالحة للاستدلال ممّا استفاضت ، بل بلغت حدّ التواتر كما صرّح به بعض الأبدال (٤) ، ويؤيّده عمل مَنْ لا يعمل بالآحاد بهما كالسيد المرتضى (٥) وابن إدريس (٦) وابن البرّاج (٧) ، وقد وفّقنا الله للوقوف منها على ما ينوف على عشرين حديثاً زيادة على هذه الثلاثة المذكورة ، ومَنْ أراد الوقوف عليها فليرجع إلى رسالتنا الكبرى في هذه المسألة المزبورة ، وكأنّ الذي حداه على ذلك قصر النظر على ( المدارك ) ، والله العالم بما هنالك.
ثمّ قال ضوعف له الإجلال ـ : ( والجواب : أمّا عن الروايتين فباستحالة كونهما مطلقتين ، والوجه في ذلك ما قرّرناه ، فراجعه. بل يستفاد منهما الإخفات في الأخيرتين ، وكلّ ذلك معلوم ممّا أسلفناه ، ومع تسليم إطلاقهما فهما دالّان على الجهر للإمام خاصّة ، فهما إلى مذهب أبي الصلاح (٨) وابن الجنيد (٩) أقرب منهما إلى المشهور ).
أقول : قد مرّ نقض هذا الكلام في ذيل الروايتين ، فلا حاجة إلى ذكرها في البين ، والمنصف تكفيه الإشارة ، والمتعنّت لا ينتفع ولو بألف عبارة.
وأمّا قوله : ( ومع تسليم إطلاقها ) .. إلى آخره ، فلا يخفى ما فيه :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ فعل الإمام أنّما هو فرد من أفراد ما دلّ عليه العامّ ، فهو من باب موافقة حكم الخاصّ حكم العامّ ، وهو ليس مخصّصاً بإجماع علمائنا الأعلام.
__________________
(١) انظر : ص ٢١ هامش ٥.
(٢) انظر : ص ٣٠ هامش ٢.
(٣) التهذيب ٦ : ٥٢ / ١٢٢ ، مصباح المتهجّد : ٧٣٠.
(٤) مدارك الأحكام ٣ : ٣٦٠ ، نقلاً عن ابن أبي عقيل.
(٥) عنه في المعتبر ٢ : ١٧٦.
(٦) السرائر ١ : ٢١٨ ٢١٩.
(٧) المهذّب ١ : ٩٧.
(٨) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ٣ : ٢٦٣.
(٩) عنه في المختلف ٢ : ١٥٥.