وحيث كانت هذه الصورة غير خالية من شيء التجأ بعضهم إلى جعل النسبة بين المعنى الثاني اللغوي وبين المعنى الشرعي التساوي ، إلّا إنّ فيه كرّاً على فرّ ؛ للزوم صدق الشرعي في صورة انفراد اللغوي ، فتدبّر.
فعلى فرض كون النسبة العموم والخصوص من وجه يرجعان لسالبتين جزئيّتين وموجبتين كذلك ، إذ يقال : ليس بعض الصوم اللغوي صوماً شرعيّاً ، وليس بعض الصوم الشرعي صوماً لغويّاً ، وهكذا في طرفي الإيجاب.
وعلى فرض التساوي يرجعان لموجبتين كلّيّتين من الطرفين.
فتقرّر من هذا أنّ الصوم اللغوي والإمساك متساويان ، وأنّ الصوم الشرعي والإمساك مختلفان.
نعم ، بقي شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو أنّ استعمال الشارع الصوم في المعنى الشرعي هل هو من باب النقل لحصول المناسبة بين المعنيين التي هي أمارة النقل ، أو من باب التخصيص ؛ لأولويّته من النقل بعدم إخراجه للباقي عن الحقيقة ؛ ولأولويّته من المجاز الذي هو أولى من النقل؟ وجهان ، بل قولان ، أظهرهما ترجيح التخصيص ، كما تقرّر في محلّه.
وبعضُ المحقّقين بنى أولويّة النقل على القول بثبوت الحقائق الشرعيّة ، وأولويّة التخصيص على القول بعدم الثبوت (١).
والذي يختلج في الفهم الكليل والنظر العليل احتمال جريان الوجهين على كلا القولين ؛ لأنّ المراد ملاحظة الوجه في استعمال الشارع الصوم في خصوص هذا المعنى ، أعمّ من كونه حقيقةً أو مجازاً مشهوراً ، والله العالم العاصم.
وأمّا قوله أصلح الله له الحال والبال ، وبلّغه الآمال في المبدأ والمَآل ـ : ( وما العصر
__________________
(١) مسالك الأفهام ٢ : ٦.