وما الساعة في قول سليل صاحب الشفاعة « بعد العصر بساعة »؟ ).
فاعلم علّمك الله الخير وأماط عنك الأذى والضير ـ : أنّ المراد بالعصر ما هو ظاهر لفظه الشريف وكلامه المنيف من تحديد وقت الإفطار بمضي ساعة من النهار من بعد أداء صلاة العصر ، التي وقع إجماع الأصحاب واستفاضت الصحاح الصراح عن الأئمّة الأطياب بأنّ أوّل وقتها بمعنى أوّل جزء تصحّ فيه وتفسد قبله هو الفراغ من سابقتها الواقعة في زمان يحكم فيه شرعاً بصحّتها على حسب حالاتها وصفاتها من السفر والحضر ، والأمن والخطر ، وحصول الشرائط وفقدانها فراغاً حقيقيّا فعليّاً ، أو حكميّاً شأنيّاً.
فعلى هذا المعنى السديد لا ينافي ما ذكرناه من التحديد ما دلّ من الأخبار على توقيتها بانقضاء فضيلة الظهر (١).
وما ورد من أنّ ابتداء وقتها القدمان (٢) ، أو الذراعان (٣) ، أو المثلان (٤) ، أو نحو ذلك بعد صلاة الظهر ؛ إذ سبيله ؛ إمّا الحمل على الاستحباب كما نقله في ( المدارك ) (٥) عن جمع من الأصحاب (٦) ؛ أو على إرادة التأخير لأداء النافلة كما في الظهر ، إمّا للمتنفّل خاصّة أو مطلقاً على حسب حال المتنفّلين ؛ أو على التقيّة من أُولئكَ النُّصّاب ، لا سيّما إن أُريد منها الإيجاب ، كما تُشعِر به رواية أبي خديجة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سأل إنسانٌ وأنا حاضر ، فقال : ربّما دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلّي العصر وبعضهم يصلّي الظهر؟ فقال : « أنا أمرتهم بهذا ، لو صَلَّوا على وقت واحد لَعُرِفُوا ، [ فأُخذوا (٧) ] برقابهم (٨) ».
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٥٧ / ١٠٢٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٨ ، أبواب المواقيت ، ب ٤ ، ح ١٤.
(٢) الفقيه ١ : ١٤٠ / ٦٤٩ ، الوسائل ٤ : ١٤٠ ، أبواب المواقيت ، ب ٨ ، ح ١ ، ح ٢.
(٣) الفقيه ١ : ١٤٠ / ٦٥٣.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٢ / ٦٢ ، الإستبصار ١ : ٢٤٨ / ٨٩١ الوسائل ٤ : ١٤٤ ، أبواب المواقيت ، ب ٨ ، ح ١٣.
(٥) مدارك الأحكام ٣ : ٤٥.
(٦) منهم : المفيد في المقنعة ( سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد ) ١٤ : ٩٣ ، والشهيد في الذكرى : ١١٩ ، ونسبه لابن الجنيد.
(٧) في المخطوط : ( فأخذ ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٨) الكافي ٣ : ٢٧٦ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٢٥٢ / ١٠٠٠ ، الاستبصار : ٢٥٧ / ٩٢١ ، وفيهما : ( فأُخذوا ).