تحديداً للتجاوز ، وإلّا لقال : بعد أنْ أتى بالركعة الأُخرى.
إلّا إنّ في بعضها أنّه سُئل عمّن هوى إلى السجود وشكّ أنّه ركع ، قال عليهالسلام : « قد ركع » (١) ، فإنّ معنى الهوي إلى السجود ليس الوصول إليه ، كما قد يتوهّم من : ( إلى ) الدالّة على الانتهاء ، بل الظاهر أنّ المراد منها معنى الانحدار والتوجّه إليه وإنْ لم يصل إليه. إلّا إنّ هذه الرواية بهذا المقدار من الظهور لا تصلح لمعارضة تلك الرواية الدالّة على التحديد ؛ لأنّ دلالتها على عدم الاعتناء بالمقدّمات أظهر من دلالة هذه على الاعتناء بها. وقد تقرّر أنّ الأظهر قرينة على تأويل الظاهر وصرفه عن ظهوره ، بخلاف الظاهر فإنّه لا يكون قرينة على صرف الأظهر.
فروع
الأوّل : أنّ ما ذكر من حكم الشكّ سواء كان في المحلّ أو بعده هل يجري في الشكّ في صحّة الشيء كما يجري في الشكّ في وجوده ، أم لا؟ بمعنى أنّ الأخبار الدالّة على هذه القاعدة هل تشمل هذه الصورة ، أم لا؟.
قد يقال بعدم شمولها لها واختصاصها بالشكّ في الوجود ، وحينئذ فقد يقال بالرجوع في هذه الصورة إلى أصالة الصحّة التي بنى عليها الفخر في ( الإيضاح ) ، وحاصلها : أنّ كلّ عمل أتى به المسلم بقصد الإتيان به على الوجه الصحيح فظاهر حاله يقتضي أنْ يحمل على الوجه الصحيح.
ومدركه إمّا بناء العقلاء ، أو اختلال النظم لولاه. والمراد بالصحّة مقابل الغلط الواقع في الكلمات إمّا مادة أو صورة ، وحينئذ فإنْ عملنا بهذه القاعدة بناء على عدم شمول الأخبار لما نحن فيه وقلنا بالبناء على الصحّة عند الشكّ فيها قبل التجاوز ، وإلّا فالمرجع مقتضى الأُصول العدميّة من البطلان ، سواء كان الشكّ في المحلّ أو لا.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٥١ / ٥٩٦ ، الإستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٥٨ ، الوسائل ٦ : ٣١٨ ، أبواب الركوع ، ب ١٣ ، ح ٦.