فرعان
الأوّل : أنّ معرفة أحكام الشكوك واجبة ، أم لا؟ وعلى الوجوب هل هو نفسي ، أو لا؟.
فقد يقال : إنّه نفسي مطلوب لذاته كوجوب أصل الصلاة ، فمن تركها عوقب وإنْ صحّت صلاته إذا لم يأتِ فيها بمبطل.
وقيل : بأنّ الوجوب شرطي ، أي : شرط في صحّة الصلاة ، فمن تركه بطلت صلاته وإن لم يعرض له الشكّ ، فالعقاب إنّما هو على عدم الإتيان بالصلاة الصحيحة لعدم الإتيان بشرطها ، لا على ترك التعلّم.
وقد يقال بأنّ الوجوب مقدّمي ، بمعنى : أنّه ليس دائميّاً كوجوب الشرائط وسائر المقدّمات التي يتوقّف وجود ذيها عليها دائماً ولا ينفك وجود ذيها عن وجودها ، بل وجوبها اتّفاقي كتوقّف الواجب عليها ، فوجوبها يدور مدار توقّف الواجب عليها ، بمعنى : أنّه إنْ أفضى ترك المعرفة إلى إبطال الصلاة وجب التعلّم ، وإلّا لم يجب ، كوجوب التمييز بين الأجزاء الواجبة والمستحبّة ، فإنّه غير واجب إلّا إذا أفضى ترك التمييز إلى البطلان من جهة أُخرى ، كما إذا ضاق الوقت ولم يسع الأجزاء المندوبة ، فإنّه إذا لم يميّزها وأتى بها أدّى ذلك إلى وقوع بعض الصلاة خارج الوقت مع الاختيار ، وهو موجب للبطلان.
فالوجوب حينئذ مقدّميّ عقليّ إرشاديّ ، بمعنى حكم العقل بوجوب التعلّم حذراً من الوقوع في إبطال الصلاة على فرض عدمه ؛ لأنّ إبطال الصلاة على هذا الفرض ضرر محتمل فيجب دفعه لكونه ضرراً أُخرويّا ، والعقل يحكم بوجوب دفعه