السهو في الأركان
قوله : ( وأمّا السهو ، فإن أخلَّ بركن أعاد ) .. إلى آخره.
أقول : يقع الكلام أولاً في تحقيق موضوع الناسي ثم في حكمه.
أمّا موضوعه ، فالمراد به مَنْ لم يتمكّن من الإتيان بذات الجزء على أنّه جزءٌ من جهة الغفلة عن ذاته ، فبقولنا : على أنّه جزء ، دخل في الناسي مَنْ شك وهو في السورة أنّه أتى بالفاتحة أم لا ، فمضى ولم يلتفت بأمر الشارع ثم ذكر بعد الفراغ إنّه لم يأتِ بها ، فإنّه يدخل في الناسي ؛ لأنّه وإن تمكّن حين الشك من الإتيان بذات الفاتحة إلّا أنّه لا يتمكن من الإتيان بها على أنّها جزء مع احتماله الإتيان بها ، وعدم التمكن من ذلك نشأ من الغفلة عن ذات الفاتحة.
ونظيره في الشروط مَنْ تيقّن الطهارة ثم أحدث ثم غفل عن حدثه فشكّ في كونه متطهّراً أم لا فاستصحب الطهارة ودخل في الصلاة ثم ذكر بعد الفراغ أنّه كان محدثاً فإنّه يدخل في موضوع الناسي ، لأنّه حين شكّه في كونه متطهّراً لا يتمكن من الإتيان بالطهارة على أنّها شرط ، بل من باب الاحتياط ، وعدم تمكّنه ناشئ عن الغفلة عن ذات الطهارة. وكذا مَنْ علم بطهارة ثوبه ثم تنجس ثم غفل عن نجاسته ، فشكّ فيها فاستصحب الطهارة ثم ذكر نجاسة الثوب بعد الصلاة ، فإنّه يدخل في موضوع ناسي الطهارة الخبثيّة.
وبقولنا : من جهة الغفلة عن ذات الجزء ، خرج مَنْ نسي وجوب السورة فلم يأتِ بها مع الالتفات إليها ، فإنّه وإن لم يتمكّن من الإتيان بالسورة على أنّها جزء ، إلّا إنّه ليس من جهة الغفلة عن ذات السورة ، بل عن الحكم الشرعي ، فيدخل حينئذ في