وأمّا إذا فرغ من الأُوليين ولم يدخل في الأخيرتين ، فهل يحكم بالصحّة أو البطلان؟ قد يظهر من قوله عليهالسلام : « إنّما الشكّ في الأخيرتين » (١) الثاني ، إلّا إنّ الظاهر كون الحصر إضافيّاً قبال « لا سهو في الأُوليين » (٢) ، فالوجه الأوّل.
وقوله عليهالسلام : « وكذا إذا لم يدرِ كم صلّى » وإنْ دخل في عموم العنوان السابق ؛ لأنّه إذا لم يدرِ كم صلّى لم يحرز الأُوليين ، إلّا إنّ تخصيصه بالذكر لورود النصّ به بخصوصه ، فذكره مستقلا تيمّناً بذكر ما دلّ النصّ عليه بخصوصه ، والله العالم.
قوله رحمهالله : ( وإنْ تيقّن الأُوليين ) .. إلى آخره.
أقول : قوله : ( وإنْ تيقّن الأُوليين ) يشعر بتحقّق الفراغ منهما بمجرّد الفراغ من ذكر السجود الثاني لتحقّق تيقنهما بذلك.
ثمّ إنّ البناء على الأكثر في هذه الصور خلاف مقتضى الأصل الأوَّلي ، إذ مقتضاه البناء على الأقلّ ؛ لأنّه المتيقّن ، ويُنفى الزائد المشكوك فيه بالأصل.
إلّا إنّ مقتضى القاعدة الثانويّة البناء على الأكثر ؛ لقوله عليهالسلام :« ألا أجمع لك السهو في كلمتين؟ إذا شككت فابنِ على الأكثر ، فإذا فرغت أتيت بما ظننت أنّك نقصت » (٣) ، « فإنْ كان ما أتيت ناقصاً كان ذلك متمِّماً له » (٤) ، وإنْ كان تماماً كان ذلك نافلة (٥).
وحاصله العمل بالاحتياط لإمكان تدارك الناقص بالإتيان به بعد ، بخلاف الزائد. وهذا وإنْ لم يحرز الواقع على ما هو عليه ؛ لأنّ إحراز الصلاة على تقدير نقصها إنّما يكون بفعل الركعة قبل التشهّد والتسليم ، إلّا إنّه لمّا كان أقرب إلى صورة الواقع كان
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٥ / ٤ ، التهذيب ٢ : ١٧٧ / ٧٠٩ ، الإستبصار ١ : ٣٦٤ / ١٣٨٦ ، الوسائل ٨ : ١٩٠ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، ح ١٠ ، وفيها : « الإعادة في الركعتين الأُوليين ، والسهو في الركعتين الأخيرتين ».
(٢) انظر : الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٢٨ ، الوسائل ٨ : ١٨٨ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١ ، ح ٤.
(٣) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٢ ، الوسائل ٨ : ٢١٢ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ٨ ، ح ١.
(٤) التهذيب ٢ : ٤٣٩ / ١١٤٨ ، الوسائل ٨ : ٢١٣ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١١ ، ح ١.
(٥) الوسائل ٨ : ٢١٩ ، أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ب ١١ ، ح ١. بالمعنى.