مرادَه عليهالسلام الإخبارُ بمضمون الخبر السابق ، المشتمل على الحكاية عن سيّد الموحّدين ، الظاهر في ترخيصه عليهالسلام للنائين ، دون القريبين.
لكن فيه : أنّ صحيح الحلبي (١) المطلق قد اشتمل أيضاً على حكاية فعله الحق.
والكلامُ في هذين الخبرين ، إمّا من حيث السند ، ففي الأوّل :
أبو جعفر محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري القمّي ، وهو ثقةٌ في نفسه ، جليلُ القدر ، كثير الرواية ، لكن طُعن عليه بروايته عن الضعفاءِ ، واعتماده المراسيل ، وأنّه لا يبالي عمّن أخذه. واستثنى محمّد بن الحسن بن الوليد ، وأبو جعفر محمّد بن بابويه روايته عن جماعةٍ مذكورين في كتب الرجال ، وما قال : في كتابٍ ولم أروه (٢).
وما هنا ليس فيه جماعة من المستثنين ، ولا الكتاب المستثنى ، لتنبيهه على أنّه أخذه من كتاب محمّد بن حمزة بن اليسع ، عن محمّد بن الفضيل.
ومحمّد بن حمزة بن اليسع هو أبو طاهر الأشعري ، الثقة ، الذي روى عن زكريّا بن آدم ، وروى عنه أحمد بن محمّد بن عيسى ، بقرينة ما عن ( ثواب الأعمال ) حيث قال : أبي رحمهالله ، قال : حدّثني سعدُ بن عبد الله ، قال : حدّثني أحمد بن الحسين بن الصقر ، عن أبي طاهر محمّد بن حمزة بن اليسع (٣).
وأمّا محمّد بن الفضيل فهو وإنْ قيل باشتراكه بين ثقةٍ وضعيف ، إلّا إنّ الضعفَ غيرُ ثابتٍ في مَنْ رُمي بالتضعيف. ويستفادُ من تنبيه محمّد بن أحمد بن يحيى على هذا ومثلِهِ تورّعُه في الرواية ، وإنّ أخذه من تلك الكتب للاستكثار لا للاعتماد ، فلا يلزم منه إغراءٌ بالجهل ، للتنبيه على القرينة المنافية للاستناد ؛ فلذا قال علماءُ الرجال : إنّه لا طعن عليه في نفسه (٤).
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٧٧.
(٢) رجال النجاشي : ٣٤٨ / ٩٣٩.
(٣) ثواب الأعمال : ٨٣ / ٥.
(٤) التذكرة : جوابات أهل الموصل ( سلسلة مؤلفات الشيخ المفيد ) ٩ : ٢٥ ، ٤٤.