حيث تُطلق في لسان المتشرّعة إنّما تحمل على المعاني الشرعيّة دون المعاني اللغويّة ، ولشيوع الخلاف قديماً وحديثاً بين علماء الإماميّة ، فلو صحّ هذا الوجه لانتفى الخلاف من رأسٍ وانهدم من الأساس.
نعم ، يمكن حمل الصيام في كلمات النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام الأعلام على هذا المعنى المذكور في تلك الرواية الصحيحة الحسنى ؛ أمّا على القول بعدم ثبوت الحقائق الشرعيّة فظاهر لكلّ ذي رويّة ، وأمّا على القول بثبوتها ؛ فلأنّ الحمل على المعاني الثانويّة المنقولة الشرعيّة مشروط بعدم وجود القرينة المعيّنة للمعاني الأصليّة اللغويّة ، والقرينة هنا موجودة ، وهي وإن لم تكن داخليّة مقاليّة لكنّها خارجيّة حاليّة ، وهي النهي عن الصوم الشرعي في تلك الأخبار القويّة وتبيين كيفيّة الصوم الذي هو وظيفة ذلك اليوم في هاتين الروايتين الدالّتين على المطلوب بالصراحة الجليّة. فتأمّل جيداً في هذا المقام ، فإنّه حريّ بالتأمّل التامّ ، والله العالم بحقائق الأحكام.
ومن تضاعيف ما ذكرناه والتدبّر فيما قلناه يظهر لك حجج باقي الأقوال في المسألة مفصّلة غير مجملة ، ويُستفاد الجواب عن قولكم أيضاً : وما الصوم وما الإمساك؟
فإنْ ارتاح الخاطر العاطر لزيادة الكلام فلا بأس بإرخاء العنان في هذا المقام ، فأقول مستعيناً بالواحد العلّام ـ :
اعلم : أنّ الصوم في أصل اللغة هو الإمساك في الجملة ، وإنْ اختلفت كلمات اللغويّين في أنّ المراد مطلق الإمساك أو الإمساك عن خصوص الطعام والشراب والكلام والنكاح ، على القولين يظهر كلٌّ منهما من كلٍّ منهما