النزاع للمعنى ، وحينئذٍ فلا يصحّ الصلح ظاهراً وباطناً إلّا بالإعلام بالقدر ، كما هو ظاهر الدليل المعتبر ، سواء قصد بالصلح المعاوضة ، أو مجرّد الإبراء ؛ لتبعيّة العقود للقصود ، كي يتحقّق قصدُ القدر ، الذي يُراد منه الإبراء ، ويُجرى لجواز عدم السّماح بالإبراء لو علم المقدار ، كما يوجد في بعض الأشخاص ولو كان من الأخيار. إلّا أنْ يتمّ الإجماع في الثاني ، كما هو صريح بعض الأبرار.
نعم ، لا ريب في براءة ذمّة مَنْ عليه الحقّ باطناً ، لكن لإيصاله لمستحقّه ، لا بواسطة العقد الفاقد للشرط ، الذي هو محطّ خيام النزاع في هذا المضمار ، والله العالم بحقائق الأسرار.
السابعة : الصورة بحالها (١) ، وصالحه بأقلّ من حقّه ، سواء كان مَنْ عليه الحقّ منكراً ظاهراً ، أو مقرّاً بمقدار ما صالح به ، أو بالأقلّ.
فيجب عليه إعلامُه ، فإن رضي بالصلح بالأقلّ ، وإلّا فلا.
وظاهرهم فساد الصلح باطناً أيضاً ، فلا يفيد إبراءً من الدَّيْنِ ، ولا تمليكاً للعين ، ولا يستثنى له مقدار المدفوع ، بل يكون غاصباً للجميع.
ويدلّ عليه مضافاً لعموم النهي عن الغرر ، والخدع ، والمعاملة على المجهول مطلقاً كما مرّ ، ودخوله فيما أحلّ حراماً المستثنى من الصلح الجائز صحيحُ عمر بن يزيد ، المرويّ في ( التهذيب ) و ( الكافي ) عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « إذا كان للرجل على الرجل دين ، فمطله حتى مات ، ثمّ صالح ورثته على شيءٍ ، فالذي أخذ الورثةُ لهم ، وما بقي فهو للميّت ، يستوفيه منه في الآخرة ، وإنْ هو لم يصالِحْهم على شيء حتى مات ، ولم يقض عنه ، فهو للميّت يأخذه به » (٢).
وخبر علي بن أبي حمزة المتقدّم في الصورة السادسة ، وموثّق عمر بن يزيد السابق في الصورة الأُولى ، بحملهما على ما هو الظاهر منهما من الصلح مع عدم
__________________
(١) يريد أنها كالصورة السادسة.
(٢) التهذيب ٦ : ٢٠٨ / ٤٨٠ ، الكافي ٥ : ٢٥٩ / ٨.