وقال السيوري : ( أُطبق على استحباب الجهر بالبسملة في ما فيه الإخفات ، وأكثر الجمهور على خلافه ) (١) انتهى.
ولا يخفى ما فيه من الدلالة على المراد ، كما لا يخفى على المنصف المرتاد.
وأمّا الأخبار ، فقد مرّ منها : صحيحة صفوان (٢) ، وحَسَنة الكاهلي (٣) ، وقد عرفت عمومهما لموضع النزاع ، وسيأتي غيرهما إنْ شاء الله تعالى صريحاً في المراد ، والله العالم والهاد.
ثمّ قال أيّده الله بسديد المقال ـ : ( وثانيهما : إشعار بعض الأخبار بالإخفات بها وبغيرها في الأخيرتين ، كصحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليهالسلام ، أنّه قال : « إذا كنت خلف الإمام في صلاة لا يجهر (٤) فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأموناً على القراءة (٥) ، فلا تقرأ خلفه في الأولتين ، [ وقال ] (٦) : ويجزيك التسبيح في الأخيرتين قلتُ : أيّ شيء تقول أنت؟ قال : أقرأ فاتحة الكتاب » (٧) ، فخفاء فعل الإمام على عبد الله بن سنان الذي هو ممّن أكثر الصحبة للإمام دليل على أنّ الإمام لا يجهر بشيء في الأخيرتين مع أنّه يقرأ فاتحة الكتاب ).
أقول : قد ذكر بعض علمائنا المتأخّرين في رسالة عملها في الجهر والإخفات لهذا الخبر محامل بعيدة ووجوهاً غير سديدة.
وربّما شارك في بعضها محدّث ( الوافي ) ، حيث قال : ( لا نسلّم أنّه كان قريباً منه بحيث إذا جهر سمعه ، فجاز أنْ يكون في الصفوف البعيدة اتّفاقاً ولا يسمع ما يقوله الإمام عليهالسلام ، مع احتمال أنّ السؤال عمّا يقوله الإمام في حال انفراده واقتدائه بالغير تقيّة ، مع احتمال أنّ القراءة بالمضارع راجعة إلى الأُوليين ؛ لأنّه لمّا نهاه عن القراءة في الأُوليين وأخبره أنّ التسبيح في الأخيرتين يجزيه ، قال له : أيّ شيء تفعل أنت إذا اقتديت بهم في الأُوليين؟ قال : « أقرأ فاتحة الكتاب » ). انتهى كلامه رفع مقامه.
__________________
(١) كنز العرفان ١ : ١٣٠. (٢) انظر : ص ٢١ هامش ٥.
(٣) انظر : ص ٣٠ هامش ٢. (٤) في المصدر : ( تجهر ) ، بدل : ( يجهر ).
(٥) في المصدر : ( القرآن ) ، بدل : ( القراءة ). (٦) من المصدر.
(٧) التهذيب ٣ : ٣٥ / ١٢٤.