يقف عليها المتتبّع للكتب الفقهيّة.
الثاني : أنّ عدم الخلاف المدّعى أنّما هو في الفاتحة ، وهي وإنْ كانت آية منها إلّا إنّها خارجة عن محلّ النزاع كخروجها عنه في الأُوليين لذلك الدليل بعينه.
الثالث : أنّ القائلين بعدم جواز الجهر بالفاتحة في الإخفاتيّة هم القائلون بالجهر بالبسملة مع أنّها آية منها ، وما ذاك إلّا لعدم الملازمة بين حكم الفاتحة وبسملتها لخروجها عنه بالدليل ، فظهر أنّ إجماعهم على الإخفات بالفاتحة في الإخفاتيّة لا ينافي الجهر ببسملتها ، كما لا يخفى على ذي رويّة.
وأمّا قوله : ( ولم يدلّ دليل على إخراجها منها ) ففيه ما مرّ مراراً ، لكن لا بأس بإعادة شطر منه فنقول : إنّ ما دلّ على الجهر ؛ إمّا الشهرة بل الإجماع المنقول من غير واحد ، بل المحصّل كما حقّقناه في الرسالة الكبرى أو الأخبار ، وكلاهما شاملٌ للأخيرتين.
أمّا الشهرة فلا كلام في ثبوتها (١) ، وأمّا الإجماع فقد قال محقّق ( المعتبر ) : ( إذا تقرّر أنّها آية من الحمد ، فحيث يجب الجهر بالحمد يجب الجهر بها ، وحيث يجب الإخفات أو يستحبّ ، يستحبّ الجهر بها خاصّة ، وهو انفراد الأصحاب ) (٢).
وقال في ذكر مذهب ابن إدريس : ( وقال بعض المتأخّرين : ( ما لا تتعيّن فيه القراءة لا يجهر فيه لو قُرِئَ ) (٣) ، وهو تخصيص لما نصّ عليه الأصحاب ودلّت عليه الروايات ) (٤).
فانظر كيف نسبه في الموضعين إلى الأصحاب ، وهو جمع محلّى بـ ( اللام ) فيفيد العموم ، فيفيد الإجماع قطعاً.
وقال شهيد ( الذكرى ) ملخَّصاً ـ : ( إنّ قول ابن إدريس باختصاص الاستحباب بأُوليي الظهرين لا الأواخر قول مرغوب عنه ؛ أمّا أوّلاً ؛ فلأنّه لم يسبق إليه ، وهو بإزاء إطلاق الروايات والأصحاب ، بل بإزاء تصريحهم بالعموم ) (٥) .. إلى آخره.
ولا يخفى ما فيه من الإشعار بالإجماع ، وعدم الاعتداد بذلك النزاع.
__________________
(١) الحدائق ٨ : ١٦٧.
(٢) المعتبر ٢ : ١٨٠.
(٣) السرائر ١ : ٢١٨.
(٤) المعتبر ٢ : ١٨١.
(٥) الذكرى : ١٩١.