غاية الاشتهار ، فاعتبروا يا أُولي الأبصار.
ثمّ قال : ( وذهب الشيخ البهائي في ( الاثني عشريّة ) إلى استحباب الجهر بها للإمام والمأموم والمنفرد ، وذهب أبو الصلاح (١) إلى وجوب الجهر في أوليي الظهر والعصر بين الحمد والسورة ، والظاهر أنّه للإمام والمنفرد والمنع من الجهر في الأخيرتين ).
أقول : قد مرّ ما في جعل قول البهائي قولاً قسيماً للمشهور ، وأنّ الحقّ أنّه تصريح بالعموم كالمشهور ، ومنه يظهر ضعف ما قاله عن أبي الصلاح من أنّ ظاهره اختصاص الاستحباب بالإمام والمنفرد ، فإنّه خلاف ظاهره ، بل هو صريح في التعميم كغيره ، فالتقدير يحتاج إلى دليل ، وليس له عليه من سبيل.
وأمّا ما نسبه إليه من المنع من الجهر في الأخيرتين فهو خارج عن نهج الصواب مخالف لظاهر الأصحاب ، فإنّ ظاهرهم موافقة أبي الصلاح للمشهور في الأخيرتين وإنّما خالفه في الأُوليين ، ولهذا تراهم عند ذكر الخلاف يبدؤون بالقول المشهور ثمّ يخصّون ما خالفه بالذكر ويتركون ما يوافقه ، ألا تراهم عند ذكر قول ابن إدريس إنّما يذكرون الشقّ المخالف للمشهور وهو تخصيص الاستحباب بالأُوليين ، وعند ذكر قول ابن البرّاج يطلقون مخالفة المشهور بإيجاب الجهر مطلقاً ، وعند ذكر قول ابن الجنيد إنّما يذكرون الشقّ المخالف أيضاً وهو تخصيص الاستحباب ، وهذا بحمد الله ظاهر لذوي الأفهام.
ثمّ قال : ( وذهب ابن البرّاج إلى وجوب الجهر ، والظاهر أنّ مراده في الأُوليين دون الأخيرتين ، لأنّ عبارته في ( المهذّب ) لا يستفاد منها الإطلاق ؛ لأنّه رحمهالله ذكر ما يفعل في الأولتين من الصلاة من القراءة ، ثمّ قال : ( ويخافت بقراءة السورتين في الظهر والعصر ، إلّا ببسم الله الرحمن الرحيم فإنّه يجهر بها في كلّ الصلوات ويجهر [ بالقراءة في صلاة (٢) ] العشاءين
__________________
(١) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهية ٣ : ٢٦٣.
(٢) في المخطوط : ( بقراءة ) ، وما أثبتناه من المصدر.