المانع ، فلا فرق إذن بين الرواية والفتوى والعمل ، ولا مزيّة فيها عليهما.
وأمّا سابعاً ؛ فلأنّ المرفوعة قد دلّت على الأخذ بشهرة الرواية ، والمقبولة قد عرفت ظهورها أيضاً في شهرة الفتوى ، وأمّا مشهور العمل فعدم ذكره بخصوصه لا يدلّ على عدم إرادته ؛ لما مرّ ، ولأنّ ذكر بعض ما يتناوله العامّ لا يتخصّص به العموم ، كما صرّح به محقّقو الأُصول من علمائنا الأعلام ، خلافاً لأبي ثور (١) من أُولئك الأقوام ، وبهذا ظهر لك ما في قوله سلّمه الله : ( وأمّا في مدلول الرواية فليست الشهرة دليل الرجحان ).
وأمّا ما استدلّ به من المثل ، فهو لا ينهض دليلاً لإثبات الأحكام الشرعيّة حتى يعارض به مفاهيم أخبار العترة النبويّة ، إذ الظاهر مفاد ( ربّ ) هنا إنّما هو التقليل ، فلا يتناول كلّ فرد من الأقاويل.
وأمّا قوله : ( بل على ذي الرويّة ) .. إلى آخره ، فهو ممّا لا نزاع فيه ، إلّا إنّه خارج عن المتنازع فيه ، كما لا يخفى على نبيل نبيه.
ثمّ قال سقاه الله من كأس التوفيق العذب الزلال ـ : ( احتجّ ابن الجنيد (٢) بأنّ الأصل وجوب المخافتة بالبسملة في ما يخافت به ، لأنّها بعض الفاتحة ، خرج عنه الإمام بالنصّ والإجماع ، فيبقى المنفرد على الأصل.
والجواب : أنّ الروايات كرواية علامات المؤمن (٣) ، ورواية زرارة ، وفيها : « ثلاثة لا أتّقي فيهنّ أحداً : الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، ومسح الخفّين ، ومتعة الحج » ، وغيرهما عامّة تتناول الإمام والمنفرد والمأموم ، خرج المأموم بدليل آخر ، فيبقى الباقي تحت العموم ، وقد ورد للمنفرد الجهر بالخصوص أيضاً ، كما في تفسير قوله تعالى ( وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) (٤) أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يرفع صوته بالبسملة في صلاته فإذا سمعها المشركون
__________________
(١) الإحكام في أُصول الأحكام ١ : ٥٣٤.
(٢) عنه في المختلف ٢ : ١٥٥ ، الحدائق ٨ : ١٧٠.
(٣) التهذيب ٦ : ٥٢ / ١٢٢.
(٤) الإسراء : ٤٦.