الإخبار ؛ لقوله عليهالسلام في الأوّل : « لا يجوز حتى يخبرهم » (١) ، وفي الآخر : « ليس له إلّا الذي صالح عليه » (٢).
والتقريبُ فيه عودُ الضمير في « له » على المصالِح ، أي : الضامن الموقِع للصلح ، بمعنى براءة ذمّته عمّا دفعه للمضمون له ، وبقاء الباقي في ذمّته ، ويلزمُ منه فسادُ الصلح ؛ لعدم ترتّب الأثر الشرعي عليه.
ويجوز أن يريد عليهالسلام ، أنّه ليس للضامن الرجوع على المضمون عنه ، إلّا بالقدر الذي صالح عليه المضمون له وأدّاه إليه. ولا منافاة بين المعنيين ، لحصول المطلوب على كلا الوجهين.
وظاهر هذه الأدلّة فساده حينئذٍ ظاهراً ، كفساده باطناً. لكن صرّح بعض محقّقي المتأخّرين بصحّته ظاهراً ، ناسباً إيّاه لجماعةٍ من الأصحاب ، وبه صرّح في ( المسالك ) (٣) ، و ( الرياض ) (٤) ، و ( الجواهر ) (٥) ، ونُقل أيضاً عن ( جامع المقاصد ) (٦) ، لعدم العلم بكون مَنْ عليه الحقّ مبطلاً في صلحه وخادعاً فيه ، واحتمال كونه محقّاً ، فلا يبطل صُلحه ظاهراً وإنْ كان على مجهول.
ولا يخفى ما فيه ، بعد ما تقرّر مِنْ شرط المعلوميّة مع القدرة عليها ، لا سيّما مع الصلح بأقلّ من الحقّ كما هو الفرض لكشفه عن الخدع والغرر وإدخال الضرر ، مضافاً لعدم صدق التجارة عن تراضٍ بدون الإعلام بالقدر ، فضلاً عمّا لو علم بعد الصلح زيادة مقدار الحقّ عمّا صولح به باعتراف مَنْ عليه الحقّ ، أو بأحد الطرق الشرعيّة ؛ إذ مقتضى ما مرّ فساد الصلح ظاهراً أيضاً ، ولذا حكم به مَنْ صحّحه هناك.
أمّا لو تحقّق الرضا الباطنيّ ممّن له الحقّ بالأقلّ بعد علمه بالزيادة ، فعن ( التذكرة ) القطعُ بالصحّة باطناً أيضاً. وبه صرّح بعضُ محقّقي المتأخّرين ؛ لحصول الرضا الباطني بالأقلّ عوضاً عن حقّه ، فتكون العبرة بالرضا الباطني ، لا بالصلح.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٥٩ / ٦ ، التهذيب ٦ : ٢٠٦ / ٤٧٢.
(٢) الكافي ٥ : ٢٥٩ / ٧ ، التهذيب ٦ : ٢٠٦ / ٤٧٣.
(٣) المسالك ٤ : ٢٦٢.
(٤) الرياض ٥ : ٤٢٧.
(٥) الجواهر ٢٦ : ٢١٦.
(٦) جامع المقاصد ٥ : ٤١٠.