موضوع الجاهل بالحكم ؛ لأنّ ناسي الشيء جاهل به وإنْ كان جهله مسبوقاً بالعلم.
لكن يبقى الإشكال في مَنْ جهل وجوب السورة ، لكنّه تارة يأتي بها احتياطاً وتارةً لا يأتي بها ، فإذا اتفق غفلته عن السورة أصلاً فلم يأتِ بها ، فهل يدخل في موضوع جاهل الحكم ، أو ناسي الموضوع؟ فقد يقال بالتفصيل ، بأنْ ينظر إلى حال ذلك الشخص بالنسبة إلى الواقعة الشخصيّة ، فإنْ علم من حاله أنّه لو لم يغفل عن السورة لأتى بها احتياطاً دخل في موضوع الناسي ، وإنْ علم أنّه لا يأتي بها دخل في موضوع الجاهل.
والتحقيق دخوله في موضوع الناسي مطلقاً ؛ لأنّ مقتضى الترك الناشئ عن الجهل كون المتروك ملتفَتاً إليه ومع ذلك ترك جهلاً بوجوبه. وأمّا إذا غفل عنه أصلاً فلا يصدق أنّه تُرك للجهل بحكمه ، وحينئذ فيكون تركه من جهة الغفلة ؛ إذ ليس في البين ثالث ، ويدخل حينئذ في موضوع الناسي ؛ لأنّه يصدق عليه أنّه لم يتمكن من الإتيان بالجزء من جهة الغفلة عن ذاته.
وأمّا حكمه ؛ فأمّا بحسب القاعدة الأوّليّة فمقتضى الأصل بطلان الصلاة بكل جزء منسيٍّ ؛ لأنّ من نسيَ الفاتحة وذكرها في أثناء السورة ، يدور أمره بين المضيِّ وعدم الإتيان بالفاتحة ، وهو يستلزم نقص الصلاة ، وبين الإتيان بالفاتحة مع عدم الإتيان بالسورة وهو يخلّ بالترتيب ، وبين الإتيان بالسورة وهو يستلزم الزيادة ، والثلاثة توجب البطلان بمقتضى الأصل.
ولا منافاة بين هذا وبين المختار في أصل البراءة ، من أنّ الزيادة غير مبطلة بمقتضى الأصل الأوّلي ؛ لعدم الدليل على حرمتها ؛ لأنّ هذا في غير الصلاة. وأمّا فيها فالأصل يقتضي حرمة الزيادة ؛ لأنّ المستفاد من الأدلّة أنّ ما اعتبر فيها من الأجزاء والشرائط قد لوحظ بشرط لا ، أي بشرط عدم انضمام غيره إليه ، مضافاً إلى العمومات الدالة على بطلان الصلاة بمطلق الزيادة ، كما عن أبي جعفر عليهالسلام : « إذا استيقن